للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سميناه خمراً للشدة المطربة، وبين أن يقولوا: كل شديد مطرب خمر، وأحد اللفظين قائم مقام الآخر.

ولأنه لو قال: سميناه خمراً لما فيه من الشدة الطربة، صارت الشدة المطربة علامة ودلالة على كونه خمراً. فكل موضع وجدت هذه الدلالة، يجب أن يتبعها الاسم.

ولأن تسميتهم لجميع ما حدث من الأعيان بأسامي أمثالها، دلالة على أن القياس مأذون فيها.

واحتج: بأنهم لم يضعوها على القياس؛ لأنهم سموا الفرس الأبيض: أشهب، ولا يسمون الحمار الأبيض: أشهب. وسموا الفرس الأسود: أدهم، ولا يسمون الحمار الأسود: أدهم، فقد شاركه في معناه.

وكذلك الحموضة، إذا كانت في عصير العنب سموه خلاً، وإذا وجدت في اللبن وغيره لم يسموه خلاً.

وقالوا للفرس: أبلَق، لاجتماع اللَّونين، والآدمي أبيض، وللغراب أبْقَع، وللجِلد مُلَمَّعاً.

والجواب: أنهم اعتبروا الجنس مع الصفة في ذلك. فكانت العلة ذات وصفين، ولم يمكن القياس عليه؛ لعدم أحد الوصفين، وهو الجنس [٢٠٨/أ] فتكون العلة واحدة.

واحتج أبو سفيان (١) :

بأن الأسماء اللغوية طريقها اصطلاح أهل اللغة عليها.

ألا ترى أن إنساناً لو سمى الماء خبزاً، والخبز ماءً، والفرس حائطاً، والحائط

فرساً، لم يصر ذلك اسماً لما سماه في اللغة، بل كان منسوباً إلى الهذيان،


(١) هو: أبو سفيان السرخسي الحنفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>