للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأن الحكم ثبت ابتداء في الشرع بدليل مقطوع عليه، ودليل غير مقطوع [عليه] ، وطريقه غلبة الظن، وهو خبر الواحد، في أن استعمال القياس في الموضع المقطوع عليه، وفيما طريقه غلبة الظن.

ولأن العلة تصير علة؛ لقيام الدلالة على صحتها، لا لوجودها في أصل متفق عليه، بدلالة أن ما دل على صحتها لا يفرق بين عين دون عين، وإذا اعتبرت العلة، فلا فرق بين حمل فرع على نظيره، وبين اعتبارهما جميعاً [٢٠٩/أ] ؛ لأن ما ثبت بدليل، يجوز أن يجعل أصلاً، يرُد إليه غيرُه، وإن لم يكن ثابتاً بالاتفاق.

وقول الكرخي: إنهما تساويا في أن حكمهما يعرف من جهة واحدة، فهو صحيح. وله أن يقيس كل واحد على صاحبه، كالأمرين إذا تساويا، فتساويهما لا يوجب سقوطهما، وإنما يخير المجتهد فيهما.

فصل

[عدم اشتراط الاتفاق على تعليل الأصل]

ويجوز القياس على أصل بعلة، وإن لم يتفق على تعليله (١) ، مثل قياس النبيذ على الخمر لعلة وجود الشدة المطربة (٢) .

فإن أبا حنيفة يمنع من أن تكون الخمر معللة (٣) ، ويقيس غير المأكول عليه


(١) راجع هذه المسألة في: التمهيد (٣/٤٣٧) والمسوَّدة ص (٣٩٧) .
(٢) هذا مذهب الجمهور، أو مذهب الأكثر كما هو تعبير أبي الخطاب في التمهيد.
(٣) وذلك لعدم قيام الدليل على كونها معللة عند الحنفية، بل صرح السرخسي في أصوله (٢/١٤٩) أن الدليل دل على أنها غير معللة حيث قال: ( ... بل الدليل من النص دال على أنه غير معلول، وهو قوله عليه السلام: "حُرِّمت الخمر لعينها" و"السكر من كل شراب ... ") .
وانظر: أصول الجصاص ص (١٣٢) من الطبعة الباكستانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>