للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأصل قد استغنى بدخوله تحت الإِجماع عن التعليل. ألا ترى أن جميع الأحكام لو كانت مجْمعاً عليها، أو منصوصاً عليها لم يحتج مع ذلك إلى القياس.

فإذا كان التعليل بما لا يتعدى الأصل لا يفيد إلا ما أفاده النص أو الإِجماع وجب أن يكون وجوده وعدمه سواء.

وقد يُعبر عن هذا بعبارة أخرى، فيقال: الأصل معلوم من طريق القطع، فتعليله بما لا يتعدى لا يستفاد به معرفة الأصل؛ لامتناع أن يعلم بما طريقه غلبة الظن، الأمر الذي علم من جهة القطع، وصار كمن قاس القياس الشرعي في الأمور العقلية التي طريقها العلم، أو طلب أخبار آحاد، ليعلم بها ما علم من طريق القطع. وإذا بطل أن يعلم بها حكم الأصل، ولم يجز أن نعرف بها حكم فرع آخر، سقط اعتبارها.

فإن قيل: هذا يبطل بالعلة العقلية والعلة النصوص (١) عليها، فإنها صحيحة وإن كانت مقصورة واستغنى الأصل عنها، فإن العلة العقلية يجوز أن تكون مقصورة، وهو قوله: "لا تسلك طريقاً تهلك فيه إلا أن يكون لك فيه نفع في الآخرة، كالأمر بالمعروف"، والعامة نحو قوله في الظلم: "لا يجوز لكونه قبيحاً" فهذه عامة في كل قبيح.

وكذلك العلة المنصوص عليها، يجوز أن تكون مقصورة، وهو أن يقول الله تعالى أو رسوله: حرمت التفاضل في الدراهم والدنانير لأنها قِيَم [٢١٢/أ] الأشياء.

قيل: لا يبطل ما ذكرنا. وذلك أن العلة العقلية يستفاد الموجب بها منها.

وهذا المعنى يحصل بالمتعدية (٢) وغيرها، فكان لطلب كل واحد من الأمرين


(١) في الأصل: (المنصوصة) .
(٢) في الأصل: (بالمتعدي) .

<<  <  ج: ص:  >  >>