نقضاً لها، قياساً على العلة العقلية. مثل الحركة والسكون، والقدرة والعجز والسواد والبياض، وغير ذلك مما هو علة في العقل للحكم الذي موجبه المحل الذي توجد فيه، فإن تخصيصها [٢١٣/ب] يكون نقضاً لها.
كذلك العلة الشرعية.
فإن قيل: العلة العقلية موجبة لما توجبه بنفسها. ألا ترى أنه لا يجوز وجودها في وقت من الأوقات غير موجبة لما توجبه. والشرعية أمارة للحكم بدلالة وجودها قبل الشرع، من غير أن يتعلق بها حكم.
قالوا: يبين صحة هذا: أنه يجوز أن ينص الله تعالى على أن العلة الشرعية هي علة للحكم في موضع دون موضع، ولا يجوز أن ينص على أن العلة العقلية [هي علة] لما توجبه في بعض المواضع دون بعض.
قيل: الشرعية بعد جعلها علة، قد صارت بمنزلة العقلية في اقتضائها للحكم وإيجابها له، ووجوب وجوده بوجودها، وكونها موجبة في زمان دون زمان لا يدل على كونها علة في مكان دون مكان؛ لأنه يجوز أن لا تكون علة ثم تصير (١) علة، فلا يجوز أن تكون علة في مكان ولا تكون علة في مثله؛ لأن وجودها مع زوال الحكم يدل على أنه نقض للعلة، وأنها مقيدة بصفة زائدة تخص ذلك الموضع الذي هي علة فيه، فبان الفرق بين الزمانين والمكانين.
وقد قيل في جواب هذا: إن العلة العقلية سبب كونها علة العقلُ، وذلك السبب يوجد على الاتصال في جميع الأوقات، فلا يخرج عن كونها علة مع وجود سببها.
والعلة الشرعية سببها الشرع. وذلك السبب يختص ببعض الأوقات دون بعض فكانت علة في بعض الأزمنة دون بعض.