وفي ذلك تنبيه على فساد جميع ما يجانسه إذا كان ذلك فاسداً، وكان مع ذلك مطرداً، دلَّ على أن الطرد ليس بدليل على الصحة.
واحتج المخالف:
بأن عدم الطرد يفسد العلة، فوجب أن يكون وجوده دالاً على صحتها.
ألا ترى أن عدم التأثير عند المخالف، لما كان دالاً على فسادها كان التأثير دالاً على صحتها.
والجواب: أن الطرد شرط في صحة العلة، وليس بدليل على الصحة. وفَقْد شرط من شروط الحكم يبطله، ووجوده لا يدل على صحته.
كالطهارة، فَقْدها يوجب بطلان الصلاة، ووجودها لا يدل على صحتها.
واحتج: بأنها إذا اطَّردت فقد عدم ما يفسدها، فوجب أن لا تكون فاسدة.
وإذا لم تكن فاسدة وجب أن تكون صحيحة؛ لأنه لا قسم بين الصحيح والفاسد، كما أنه إذا لم يكن قديماً وجب أن يكون محدثاً.
والجواب: أنه قد وجد ما يفسده (١) ، وهو عدم الدليل على صحته. وعدم ما يصححه دليل على فساده.
يدل على ذلك: أن من ادعى النبوة، وقال: الدليل على صحة قولي عدم ما يفسده. وإذا لم يكن ما يفسده وجب أن يكون صحيحاً.
قلنا: قد وجد ما يفسده، وهو عدم ما يصححه.
وكذلك من قال في كل حكم سُئل عن صحته: ليس هاهنا ما يفسده.
وعدم ما يفسده دليل على أنه ليس بفاسد. وإذا لم يكن فاسداً وجب أن يكون صحيحاً.
كان الجواب عنه: أن عدم ما يصححه دليل على فساده. [٢٢٣/ب] .
(١) في الأصل: (يفسدها) ولمراعاة الضمائر الآتية التي تعود على "الطرد" أثبتنا ما أثبتناه ليستقيم الكلام.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute