للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن المتأخر أقوى من المتقدم؛ لأن المتقدم يجوز أن يكون منسوخاً بالمتأخر، ولا يجوز أن يكون المتأخر منسوخاً بالمتقدم، فوجب تقديم المتأخر.

وإن جهل التاريخ وجب تقديم أحدهما على الآخر بضرب من ضروب الترجيحات التي ذكرناها في باب ترجيحات الأخبار. وقد تقدم ذلك (١) .

وأما إذا كان أحدهما عاماً والآخر خاصاً فلا يخلو الخاص من أحد أمرين:

إما أن يكون موافقاً للعام أو منافياً له.

فإن كان منافياً له وجب تخصيص العام به، سواء تقدم العام على الخاص، أو تأخر عنه، أو جُهل التاريخ.

وذلك مثل قوله: (وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَى يُؤْمِنَّ) (٢) وقوله:

(وَالْمُحْصَنَاتِ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) (٣) وقوله: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أيْدِيَهُمَا) (٤) وقول النبي -عليه السلام-: (لا قطع إلا في ربع دينار) وقد حكينا الخلاف في ذلك فيما تقدم (٥) .

وإن كان الخاص موافقاً للعام فلا يخلو من أحد أمرين:

إما أن يكونا في حكمين، أو في حكم واحد.


= وما جزم به البخاري هنا جزم به الحافظ بن حجر في الفتح (٤/١٨١) ، وحكم بأنها وقعت مدرجة عند مسلم.
وعلى هذا فالأثر ليس لابن عباس، وإنما هو من قول الزهري. والله أعلم.
وقد سبق أن ذكر المؤلف هذا الأثر عن ابن عباس - رضي الله عنه - (٣/١٠٤٠) ولكن فاتني تخريجه هناك.
(١) انظر: (٣/١٠١٩) من هذا الكتاب.
(٢) آية (٢٢١) من سورة البقرة.
(٣) آية (٥) من سورة المائدة.
(٤) آية (٣٨) من سورة المائدة.
(٥) انظر: (٢/٦١٥) من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>