للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأخبر الله تعالى أنه فهَّم الحكم لسليمان.

فثبت أنه كان أصاب في الحكم، وداود لم يصب. وعلى قولهم، هما جميعاً (١) ، مصيبان (٢) .

فإن قيل: قوله: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ) لا يدل على أنه لم يُفَهِّم داود؛ لأن تخصيص الشىء بالذكر لا يدل على نفي ما عداه.

ومن قوله تعالى: (وَلَقَدْءَاتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً) (٣) ولم يدل على نفي العلم عن غيرهما من الأنبياء.

وكذلك قوله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ الله عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إذْ يُبَايِعُونَك تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (٤) لا يدل على أنه لم يرض عن غيرهم من المؤمنين الذين لم يبايعوه تحت الشجرة

قيل له: تخصيص الشىء بالذكر يدل على نفي ما عداه. وهذا أصل قد سبق الكلام فيه (٥) .

فإن قيل: قد رُوِيَ أنهما كانا حكما في الحرث بالنص، ثم نسخ الله تعالى


(١) في الأصل: (جميعان) ، والنون زائدة.
(٢) قصة الحكم في هذه القضية -كما يحكيها ابن كثير في تفسيره (٣/١٨٦) عن ابن عباس-: (أن داود قضى بالغنم لأصحاب الحرث، فخرج الرُّعاء معهم الكلاب، فقال لهم سليمان: كيف قضى بينكم؟ فأخبروه، فقال: لو وُلِّيتُ أمركم لقضيت بغير هذا، فأخْبِرَ بذلك داود، فدعاه، فقال: كيف تقضى بينهم؟ قال: أدفعُ الغنم إلى صاحب الحرث، فيكون له أولادها وألبانها وسلاؤها ومنافعها، ويبذر أصحاب الغنم لأهل الحرث مثل حرثهم، فإذا بلغ الحرث الذي كان عليه، أخذه أصحاب الحرث، وردوا الغنم إلى أصحابها) .
وانظر: تفسير ابن جرير الطبري (٧/٥٢) .
(٣) آية (١٥) من سورة النمل.
(٤) آية (١٨) من سورة الفتح.
(٥) انظر: (٢/٤٤٨) من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>