للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله -عليه السلام-: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب، فله أجران) . وهو حاكم، فوجب أن يكون داخلاً فيه.

وذكر أبو عبيد (١) في "كتاب أدب القضاء" بإسناده عن الشعبي قال: (كان - صلى الله عليه وسلم - تنزل به القضية، وينزل القرآن بعد ذلك بغير ما كان قضى، فيمضي ما كان قضى على حاله، ويستقبل ما نزل به القرآن) (٢) .

ولأن ما يستنبط من المعاني طريق لأمته في الحكم، فوجب أن يكون طريقاً له، أصله القرآن ظاهرُه وعمومُه.

ولأن الاجتهاد طاعة لله تعالى وقربة ينال بها رضاه وثوابه، فوجب أن يكون للنبي -عليه السلام- فيه مدخل، قياساً على سائر الطاعات.

ولأن المجتهد إنما سُوِّغ له الاجتهاد متى كان عالماً بالأصول وطرق القياس، فيجتهد فيما لا نص فيه ليعرف حكمه بالوجود (٣) ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أعلى المنازل لمعرفة الأصول وطرق القياس، فهو أولى بالاستعمال.

ولأن جواز الاجتهاد لا يخلو أن يتعلق بعدم النص حال وجود الحادثة، أو عدمه [٢٤٦/ب] في الثاني.

ولا يجوز اعتبار الثاني؛ لأنه لو كان كذلك لم يجز الاجتهاد فيما يجوز أن يحصل عليه إجماع وأمر قاطع، فبقي أن يعتبر عدمه في الحال.

وهذا الشرط يوجد مما يعرض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحوادث ولا نص أنزل عليه فيها من قبل.


(١) هو: أبو عبيد القاسم بن سلام. وقد سبقت ترجمته.
(٢) هذا الحديث أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه في كتاب الأقضية (١٠/١٨٠) .
(٣) هكذا في الأصل، ولعل المقصود: حال وجود الحادثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>