للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المأمور به منه، ولا يجوز أن يكون القسمين الأولين؛ لأن ذلك موجود فيما ليس بأمر، فدل على صحة القسم الثالث.

والجواب: أن ههنا قسمًا آخر وهو كونه استدعاء. ومحصول الجواب: أنه أمر لإيجاد اللفظ، والموضع الذي عدل عنه لقرينة.

واحتج: بأن النهي إنما كان نهيًا لكراهة الفعل، فوجب أن يكون الأمر أمرًا لإرادة الفعل؛ لأن النهي ضد الأمر.

والجواب: أن حدَّ النهي كراهية أن يكون الفعل المنهي عنه حسنًا، ولا نقول: إنه كان نهيًا لكراهية الفعل، فلم يكن بينهما فرق من هذا الوجه.

وقد قيل: إن حدَّ النهي: المنع عما ينهى عنه من طريق القول، لا للكراهة التي ذكرها المخالف.

واحتج: بأن أهل اللغة أجمعوا على أنه لا فرق بين قول القائل: افعل كذا، وبين أن يقول: أريد أن تفعل كذا، ولهذا نقول: إنه لا فرق بين أن يقول لعبده: اسقني ماءً، وبين أن يقول: أريد أن تسقيني ماءً، وإذا كان قوله: أريد أن تسقيني ماءً، إخبارًا عن إرادته، كذلك قوله: افعل، وجب أن يكون إخبارًا عن إرادته الفعل.

والجواب: أن قوله: أريد أن تسقيني ماء، إخبارٌ عن إرادته، ولهذا يدخله الصدق أو الكذب، وليس كذلك قوله: افعل، فإنه ليس بخبر، وإنما هو استدعاء واقتضاء، ولهذا لا يحسن أن يقول فيه، صدقت أو كذبت.

واحتج بأنه لا يخلو إما أن يجعلوا اللفظ أمرًا لصيغته، أو لعدم القرينة، وباطل أن يجعل أمرًا لصيغته؛ لأن الصيغة موجودة مع القرينة، التي هي التهديد والإباحة، وليس بأمر. وباطل أن يجعل أمرًا لعدم القرينة؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>