وجواب آخر وهو: أنه قد يكون اللفظ موضوعًا لشيء حقيقة، ثم يستعمل في غيره مجازًا، ويغلب المجاز على الحقيقة "كالغائط": هو اسم للموضع الواسع من الأرض، ومجاز في: العَذِرَةِ، وهو [أكثر استعمالا] ١، وكذلك: الوَطْءُ، حقيقة في الدَّوْسِ بالرِّجل، ومجاز في [٢٤/ ب] الجماع، وهو أكثر استعمالا.
واحتج: بأن اللَّفظة الواحدة لا تقتضي شيئين مختلفين، وإذا حملتم الأمر على الوجوب اقتضى وجوب فعله، والعقوبة على تركه.
والجواب عنه من وجهين:
أحدهما: أنه باطل بقوله: أوجبت كذا، فإنه يثاب على فعله ويعاقب على تركه.
وجواب آخر وهو: أن الكلمة ما دلَّت على أمرين؛ لأن موجبها يدل على أنه يثاب على فعلها، ومخالفة موجبها يدل على العقاب، فلم يكن الثواب والعقاب مستفادًا بمعنىً واحد.
واحتج: بأنها لو كانت موضوعة للوجوب حقيقة لكان إذا استعملت في النَّدب أن يكون مجازًا، كالحمار، لما كان حقيقة في البهيمة لم يكن حقيقة في الرجل البليد، فلما قلتم: إنها حقيقة في الوجوب، حقيقة في النَّدب بطل أن يكون على الوجوب.
والجواب: أنه إنما لم يكن مجازًا في النَّدب، وكان حقيقة فيه أيضًا؛ لأن المجاز هو: أن يُحْمَلَ اللفظ على غير مقتضاه، كالرجل البليد يسمَّى حمارًا، فأما إذا حُمِلَ على بعض مقتضاه فلا يكون، كحمل العموم على الخصوص
١ بياض في الأصل، يقدر بكلمتينن أثبتناهما، أو بدلهما، مستعينين بالسياق.