للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٩/ ب] فحفظه ساعة ثم تلاه، استحسن ذمه وتوبيخه، وكذلك المودع فدلَّ على أن الأمر يقتضي التكرار. وأيضًا: فإنه لما لم يتعين بزمان، وجب حمله على العموم في الأزمان في وجوب الفعل، كما أن لفظ العموم يشمل١ جميع الأعيان؛ لأنه لم يخص ببعضها، كذلك الأزمان.

واحتج المخالف: بأن الطاعة والمخالفة في الأمر والنهي بمنزلة البر والحنث في القسم؛ لأن كل واحد منهما يعتبر فيه موافقة موجب اللفظ ومخالفته، فإذا ثبت هذا وكان إذا قال: والله لأصلين، أو لأصومنَّ، أو لأحجنَّ، أو قال لغيره: والله لتصلين، أو لتصومن أو لتحجن، اقتضى فعلا واحدًا، فلا يقتضي التكرار، ويكون من فعله بَرَّ في يمنيه [و] وجب أن يكون مطيعًا لله تعالى به متمثلا لأمره. ويدل على أنهما سواء أن النهي الذي هو متعلق بالترك والقسم في الترك سواء في أن كل واحد منهما يقتضي التكرار، ويكون مخالفًا بفعل مرة واحدة، وكذلك الأمر المقيد بوقت أو بعدد أو بصفة بمنزلة القسم المقيد بذلك، فوجب أن يكون مطلق الأمر بمنزلة مطلق القسم.

والجواب عنه ما تقدم وهو: أن البر والحنث من أحكام الشرع، والخلاف في موجب الأمر وموضوعه في اللغة، فلم يجز اعتبار أحدهما بالآخر، والثاني أن التكرار ليس بمراد للحالف.

وجواب آخر وهو: أن الترك في القسم إذا كان معلقًا بوقت، وهو أن يقول: والله لا دخلت الدار عند زوال الشمس، لم يقتضِ التكرار، حتى إنه إذا وجد الترك مرة عند الزوال سقطت اليمين، والترك في ألفاظ صاحب الشريعة إذا علق بوقت اقتضى التكرار٢، فإذا قال: لا تزكوا


١ في الأصل: "يشتمل".
٢ في الأصل: "الدوام"، وهو خطأ، وقد صوَّبه الناسخ في الهامش بما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>