للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقت، وإذا لم يجز التوقف لاحتمال صفات البقرة، لم يجب التوقف لاحتمال أوقات الفعل.

فإن قال: يجب التوقف؛ لأنها تحتمل البكر وهي الصغيرة التي لم تلد والفارض وهي المسنة، تقول العرب: فرضت البقرة، إذا أسنت. والعوان: هي بين الصغيرة والكبيرة، والصفراء الفاقع لونها، والسوداء الحالك لونها، والملمعة والتي لا شية فيها، والذلول البينة الذل، والمسلَّمة من العمل، والتي [لا] تثير الأرض ولا يستقى عليها، فتسقي الحرث.

قيل: هذا خلاف الشرع؛ لأن الله تعالى خَطَّأ بني إسرائيل في هذا التوقف بطلب هذا البيان، فقال: {فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ} ١، وقال: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} ٢؛ ولأن موسى -عليه السلام- المنبَّأ عن الله تعالى لم يسأل عنها، ولو كان ذلك موضع السؤال لَسَأَلَهُ.

فإن قيل: فقد سأله، فلو كان هذا خطأ لكان موسى لا يسأل ربه تعالى بعد سؤال بني إسرائيل.

قيل: لم يسأل عنه، وإنما راجع ربه -عز وجل- بما عليه بنو إسرائيل من المخالفة، والوقف في غير موضعه.

ويدل عليه ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "شدد بنو إسرائيل على أنفسهم، فشدد الله عليهم، أما إنهم لو ذبحوا أي بقرة لأجزأت عنهم"٣،


١ "٦٨" سورة البقرة
٢ "٧١" سورة البقرة.
٣ هذا الحديث أخرجه الطبري في تفسيره "٢/ ٢٠٥" عن ابن جريج مرسلا، ولفظه: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إنما أمروا بأدنى بقرة، ولكنهم لما شددوا على أنفسهم شدَّد الله عليهم، وايم الله لو أنهم لم يستثنوا، لما بينت لهم آخر الأبد" وقد عقب الشيخ أحمد شاكر على هذا بقوله -في هامش المرجع المذكور-: "وهو مرسل، لا تقوم به حجة".

<<  <  ج: ص:  >  >>