عما أمر به بحكم أن الذي يفعله بعد الوقت هو المأمور به في الوقت. مع أنه قصد بهذا رفع الإشكال؛ لئلا يظن ظان أنها تسقط بفوات وقتها.
واحتج: بأن صيغة الأمر تتناول زمانًا محصورًا؛ فإذا فات الوقت قبل فعله لم يبق زمان أمر يفعله فيه؛ فهو كما لو قيل له: صلِّ في المسجد الفلاني أربعًا، ففات فعله فيه، لم يجز فعله في غيره، وكذلك لو قال: أعط زيدًا ألفًا، فمات زيد، لم يدل على جواز إعطاء غيره.
والجواب: أن [هناك] فرقًا بين تعلق الأمر بزمان، وبين فعله بمكان معين، ألا ترى أن حقوق الآدميين المتعلقة بزمان لا تسقط بفوات [٣٥/ أ] الزمان، ولو تعلق بعين ففاتت العين سقطت، ألا ترى أن الرهن إذا تلف سقط حق المرتهن من الوثيقة، وكذلك العبد الجاني، إذا مات سقط الحق؛ فكذلك ههنا.
واحتج بأن القضاء بدل، والبدل لا يجب إلا بدليل، والذي يدل عليه أنه محتاج إلى نية القضاء.
والجواب: أنا لا نسلم أنه بدل، بل هو الواجب عليه بالأمر الأول واختلاف النيتين لا يدل على أنهما غيران، بدليل المقصورة والتامة، والظهر والجمعة، وعلى أن نية القضاء ليس بشرط في صحة الفعل؛ لأن أحمد -رضي الله عنه- قال في الأسير، إذا اشتبهت عليه الأشهر؛ فصام شهرًا يريد به رمضان فوافق ما بعده أَجْزَأَهُ، وإن لم يوجد منه نية القضاء؛ وإنما يستحب ذلك للخروج من الخلاف، وعلى أن نية القضاء لا تدل على البدل؛ لأنه قد يجب البدل من غير نية القضاء، كالطهارة إذا أخَّرها عن وقت وجوبها، والكفارة والحج والزكاة والنذر.
ولأن القضاء تسمية شرعية، فتستعمل بحيث أطلقتها الشريعة.