أن الآمر أراده، وأنه إذا كفر وقع موقعه، فإذا كان أحدهما واجبًا كان الآخر كذلك.
والجواب عن قولهم: أن الأمر تناول كل واحد، وأن ذلك مراد للآمر، فلا نسلم هذا، بل الأمر تناول واحدًا لا بعينه، والآمر أراد واحدًا لا بعينه، وعلى أن الأمر والإيجاب لا يدلان على الإرادة عندنا.
وقولهم: إن المصلحة في كل واحد كالمصلحة في الآخر، فهذا لا يدل على أن الوجوب يعمها١، ألا ترى أن الله تعالى قد تعهد بإخراج الصدقات إلى المساكين، وجعل الخيار في وضعها فيهم إلى أرباب الأموال، فيكون له أن يعطي من يشاء من المساكين كالمصلحة في دفعها إلى غيره منهم.
وكذلك يجب عليه في مائتين خمسة دراهم شائعة، ولرب المال إخراج أي خمسة شاء منها، ولا يكون هذا دلالة على إيجاب إخراج كل خمسة منها مع تساويها في المصلحة.
وقولهم: إنه إذا كفر بأحدهما وقع موقعه، كما لو كفر بالآخر، فهذا لا يدل على إيجابهما كما ذكرنا في الدفع إلى أحد الفقراء، الأداء يقع بالدفع إلى كل واحد، ولا يجب الدفع إلى الجميع. وكذلك إخراج خمسة من مائتين كل خمسة من ذلك مساوية للأخرى في الأداء. ولا يجب إخراج الجميع.
واحتج بأنه لو كان الواجب واحدًا لنصب الله عليه دليلا، وميَّزه عما ليس بواجب، ولهذا يطلبه.
والجواب: أنه إنما يجب هذا إذا كان الواجب معينًا قبل الفعل، فينصب عليه دليلا؛ ليتوصل المأمور إلى معرفته، فأما إذا لم يكن معينًا وإنما