الدفع إلى أي فقير شاء. وكذلك في اختيار الإمام وتمييزه ممن ليس بإمام.
ومن الناس من أجاز ذلك إذا كان في معلوم الله تعالى: أن المكلف لا يختار إلا الإيمان بمن هو نبي، مثل الإمامة، ومن منع ذلك فرَّق بين الأمرين: بأن تصديق المتنبئ معصية وكذب، فغير جائز أن يخير بين أن يكذب أو يصدق، وبين أن يطيع أو يعصي، وأما في الأشياء المأمور بها على وجه التخيير فجميعها يجوز أن تجمع في الفعل، فجاز أن يقف على اختياره.
واحتج: بأن التخيير يقع بين الأشياء المتساوية، ومتى لم تكن واجبة زال هذا المعنى.
والجواب: أن الجملة متساوية في أن كل واحد منهما يجزئ عن الواجب متى اختاره المكلف. فإن قيل: المكلف قد يختار واحدًا من الجملة ثم يعدل عنه إلى غيره.
قيل: متى اختار تعيين الواجب في واحد وقف حكمه على إيجاده، فإذا أوجد الثاني تبينَّا أن الذي أريد ذلك دون غيره، مثل أن يعطي زكاة ماله أي فقير، بعد أن أراد تعيينه إلى آخر، وكذلك إذا أرادت الأمَّةُ تقليدَ واحد الإمامةَ فرأت غيره أحق منه بعد ذلك.
واحتج: بأنه لو كان الواجب واحدًا من الجملة، كان إذا فعل غيره لم يقع موقع الواجب.
والجواب أنا نقول: الواجب غير معين، وهو ما يختاره المكلف، فتعينه بفعله، فيقول القائل: إذا عدل عن غيره أو فعل غيره محال، وإذا كان تعيين الوجوب موقوفًا على فعله وتعيينه بطل اعتبار العدول، ولو صح هذا الاعتبار لوجب إذا نذر الواحد عتق عبد من عبيده أن يكون الواجب عليه عتق جميع عبيده، ومن طلق واحدة من نسائه أن يكون