للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا: فإن الخطاب متناول لهم بإطلاقه؛ فوجب أن يكونوا داخلين، فيه كالمسلمين، ونريد بالخطاب المطلق نحو قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ١، وقوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} ٢، ولسنا نريد قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} ٣ و {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا} ٤؛ لأن ذلك خاص في المؤمنين.

وأيضًا٥ فإن الكفار يدخلون في النواهي؛ لأن الذمي يحد بالزنى والسرقة؛ فوجب أن يدخلوا في الأوامر؛ لأن من دخل في أحد الخطابين؛ دخل في الآخر.

فإن قيل: فلم لا يحد بشرب الخمر كما يحد المسلمون؟

قيل: لأنه قد أعطي الأمان على أن يقر على شربه، كما أعطي الأمان على أن يقر على اعتقاده الكفر. ثم لا يدل هذا على أنه غير مأمور بالإيمان ومنهي عن الكفر، كذلك لا يدل ترك إقامة حد الشرب على أنه غير منهي عنه.

فإن قيل: إنما كلف النواهي؛ لأنه يصح منهم أن يمتنعوا عن فعل النواهي؛ فلذلك صح أن يخاطبوا بها، ولما لم يصح منهم فعل الأوامر؛ لم يصح أن يخاطبوا بها.


١ "٤٣" سورة البقرة.
٢ "٩٧" سورة آل عمران.
٣ "٦" سورة المائدة.
٤ "٧٧" سورة الحج.
٥ في الأصل: "فإن قيل: إن الكفار ... " وهو خطأ لأمرين:
الأول: أن الكلام يؤيد ما ذهب إليه المصنف من أن الكفار داخلون في الأمر المطلق، فكيف يعترض على نفسه بما يؤيد قوله.
الثاني: أنه لو كان الكلام مساقًا على سبيل الاعتراض لأجاب عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>