الندب: ما يثاب على فعله، ولا يعاقب على تركه؛ فإذا حمل الأمر على الندب؛ فقد حمل على شيء فيه بعض أحكام الواجب، وليس فيه البعض الآخر؛ فكأنه أخرج منه بعض مقتضاه، وحمل على بعض، فكان ذلك حقيقة لا مجازًا، كما قلنا في لفظ العموم:"يقتضي استغراق الجنس"؛ فإذا خص، أخرج منه بعض المراد، وبقي البعض، فيكون ذلك حقيقة لا مجازًا، وكذلك ههنا.
ولا يشبه هذا الاسم "الأسد" إذا استعمل في الرجل الشديد، واسم "الحمار" إذا استعمل في الرجل البليد، حيث كان مجازًا فيهما؛ لأنه يستعمل في شيء، لا يتضمنه ما هو موضوع له بحال؛ فكان اللفظ منقولًا عما وضع له إلى غيره؛ فلذلك كان مجازًا، وفي هذا الموضع استعمل في بعض مقتضاه، ولم يعدل عن جميعه، فكان ذلك حقيقة لا مجازًا، ولأنه لو قال: له علي عشرة إلا واحدًا؛ كان ذلك حقيقة في التسعة، كما لو لم يستثن منه، كذلك ههنا.