سادسًا: ومما يُسجَّل للمؤلف هنا دقة فهمه لما نقل عن الإمام أحمد، واستخراجه للحكم من تلك الروايات، ودرجة الأخذ، هل كان بطريق النص، أو بطريق الإيماء أو الإشارة أو الاحتمال؟ وهذه المهمة لا تقل عن سابقتها.
سابعًا: والكتاب أصول فقه مقارن، عُني مؤلفه بنقل المذاهب الأخرى في كل مسألة تعرض لها، مع إيراد أدلتهم، ومناقشتها والرد عليها إذا خالفت ما اختاره المؤلف.
ثامنًا: كانت شخصية المؤلف ظاهرة من أول الكتاب إلى آخره، فقد كان يناقش الأدلة، ويرجج بين الروايات المنقولة عن الإمام أحمد، ويخرج باختيار له في كل مسألة، وهذه ميزة لا تستكثر على عالم فذٍّ كالقاضي أبي يعلى.
تاسعًا: كان المؤلف موفقًا في الاستدلال على إثبات حكم أو نفيه بالكتاب والسنة والإجماع والقياس وما روي عن الصحابة والتابعين من الآثار، حتى صار ذلك سمة بارزة في الكتاب، على أنه لم يَخْلُ من المماحكات العقلية، ولكنها كانت بقدر.
عاشرًا: كان المؤلف يربط المسائل بالمدلول اللُّغوي للنص الذي يستدل به، سواء كان النص المستدل به من الكتاب، أو السنة أو الآثار عن بعض الصحابة، أو أبيات شعرية، أو قطع نثرية، أو أقوال أئمة اللغة، وهذه مَيزَة أخرى تستحق الثناء.
حادي عشر: إذا كانت المسألة التي تعرض ذات شعب، حرر المؤلف محل النزاع وبيَّنَه، حتى يكون الكلام على جزئية معينة، لا لبس فيها، ولا غموض.