للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن من ألزم غيره ما لا حجة فيه؛ لم يلزم، ولم تجر العادة بسكوته عنده، ولأنه لو كان هذا؛ لبطل تعلقنا بإجماع الصحابة في إثبات خبر الواحد والقياس، ولجاز أن يقال: إن سكوت الصحابة في ذلك؛ لأجل ما ذكره هذا القائل، دون تصويب الاجتهاد وقبل خبر الواحد.

فإن قيل: ما ذكرتموه من أخبار الآحاد؛ فلا يجوز أن يثبت بها أصل يقطع به.

قيل: أكثرها ثبت من جهة الاستفاضة فيما بينهم وانتشر؛ ولكن نقل إلينا نقل آحاد، وفي جملتها ما يقطع على صحته١، فهو مثل ما نقوله في الإخبار عن شجاعة عنترة وسخاء حاتم٢، ثم نقل إلينا نقل آحاد، ويجب العمل به؛ لأنه تواتر في المعنى.

وأيضًا: فإن أهل اللغة متى أرادوا توكيد العموم؛ أكدوه بلفظ مخصوص لا يؤكدون به الخصوص؛ فقالوا في العموم: رأيت القوم أجمعين، ورأيتهم كلهم، وقالوا في الخصوص: "رأيت زيدًا نفسه"؛ فلولا [٦٦/ب] أن للعموم صيغة يتميز بها من الخصوص؛ لما اختلف حكمها في التوكيد.

وقد عبر عن هذا بعبارة أخرى فقيل: لا يستعمل لفظ التأكيد مع اسم العموم إلا في الجنس كله، فيجب أن يكون الاسم موضوعًا للجنس،


١ في الأصل: "صحة".
٢ هو: حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس، أبو عدي الطائي القحطاني. يضرب به المثل في الجود والكرم، كان فارسًا شاعرًا، له ديوان صغير مطبوع. قال صاحب تاريخ الخميس: "توفي حاتم في السنة الثامنة من مولد النبي صلى الله عليه وسلم".
له ترجمة في: "الأعلام": "٢/١٥١"، و"تاريخ الخميس": "١/٢٥٥"، وفي هامش الأعلام. مراجع أخرى في ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>