للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شائعًا في جنس المشركين، وأي رجل قتلوا منهم كانوا ممتثلين لأمره؛ فإذا قال: "اقتلوا المشركين"؛ وجب أن يقتلوا جميعهم؛ لأن القتل يجب أن يتعلق ههنا بمن يتعلق الرجل الذي أمر بقتله بهم.

وحكي عن أبي بكر بن الباقلاني: أنه كان يسلم هذا.

وإن امتنع ممتنع من تسليمه، قيل له: الدليل: أنه إذا قال: "لا تقتل رجلًا من المشركين"؛ وجب أن يكف عن واحد من جنس المشركين، وهذا لا خلاف فيه؛ ولهذا قال أهل اللغة: إن النكرة في النفي تقتضي الجنس، وإذا كان كذلك وجب أن يكون في الإثبات واحد١ من الجنس.

يبين صحة هذا: أنه إذا قال: "والله لا أدخل دارًا"؛ اقتضى الجنس، فأي دار دخلها حنث في يمينه، وإذا قال: "لأدخلن دارًا"؛ اقتضى دخول دار من الجنس؛ فأي دار دخلها بر في يمينه، والبر والحنث في الإيمان بمنزلة الطاعة والمعصية.

وأيضًا: فإن العموم معنى ظاهر تمس الحاجة إلى العبارة عنه والإخبار به في المخاطبة المتعلقة بالمصالح في الدين والدنيا، وقد رأيناهم وضعوا لكل ما تمس الحاجة إلى العبارة عنه من الأشخاص والأفعال اسمًا يخصه ويميزه٢ عن غيره، وجب أن يكون العموم والخصوص بمثابته؛ لأن الداعي إليه كالداعي إلى [٦٧/ب] سائر ما وضعوا له من العبارات٣.

فإن قيل: هذا يبطل بالطعوم والروائح؛ لأنها متغايرة متباينة، ولم يضعوا لكل طعم، ولا لكل رائحة اسمًا يخصه ويميزه عن غيره مع الحاجة إلى العبارة


١ في الأصل: "واحدًا".
٢ في الأصل: "تميزه" بالمثناة الفوقية.
٣ هذا الدليل ساقه أبو الحسين البصري في كتابه: "المعتمد في أصول الفقه": "١/٢١٠". مع اختلاف في التعبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>