للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المتكلم به؛ وإنما أنكرنا أن يكون ما تمس الحاجة إلى العبارة عنه في مصالح دينه ودنياه لم يضعوا له لفظه، وهذه المعاني التي يحتملها قوله: "أي شيء يحسن زيد؟ "، وقد وضعوا لها لفظًا تميز به عن غيره؛ فقالوا: "علمه قليل أو كثير، وأي شيء يحسن زيد"؟.

وأيضًا: فإنه لفظة "من" إذا استعملت في الاستفهام كقوله: "من عندك؟ " و"من كلمت؟ "؛ صلح أن يجيب بذكر كل عاقل، فثبت أن اللفظ يتناول الجميع١.

وكذلك إذا استعملت في المجازاة كقوله: "من دخل داري أكرمته"؛ صلح استثناؤهم؛ لأن الاستثناء: يخرج من اللفظ ما لولاه كان داخلًا فيه، ألا تراه لما لم يتناول غير العقلاء؛ لم يصح استنثاؤهم؟

فإن قيل: لا نسلم أن صيغة "من" لكل من يعقل؛ لأن ممن يعقل الجن والملائكة، ولا يدخلون فيه.

قيل: الصيغة تناولت كل هؤلاء؛ وإنما خرج ذلك بدليل؛ لأنه إنما يسأله عمن يجوز أن يكون عنده، وعمن يجوز دخوله٢.

فإن قيل: إنما كان مجيبًا ومستثنيًا؛ لأنه [٦٨/أ] أجاب من يصلح له اللفظ.

قيل: هو يصلح له ويصلح لغيره عند المخالف؛ فكان ينبغي أن لا يكون مجيبًا حى يعلم مراد المستخبر بقوله: "من عندك؟ "، ولما أجمعوا على أنه يجيب بكل من ذكره من جنس العقلاء؛ بطل السؤال.


١ هذا الدليل ساقه أبو الحسين البصري في كتابه: "المعتمد في أصول الفقه": "١/٢٣٧". مع اختلاف طفيف.
٢ هذا الاعتراض والجواب عنه، ذكره أبو الحسين البصري في كتابه: "المعتمد في أصول الفقه": "١/٢٢١-٢٢٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>