للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج بأن دلالة العقل مقدمة على العموم، والتخصيص إنما يكون بما يقارب العموم أو يتأخر عنه.

والجواب: أنه يجوز أن يتقدم دليل الخطاب على العموم؛ لأن الدليل يجوز أن يتقدم عن مدلوله١؛ ألا ترى أن الدليل قد دل على أن الله يثيب المؤمنين بالجنة، ويعاقب الكفار بالنار؟ وإن كان مدلول هذا الدليل متأخرًا عن دليله، كذلك لا ينكر أن يسبق دلالة التخصيص لفظ العموم.

واحتج بأن التخصيص بمنزلة الاستثناء، ثم لا يجوز أن يتقدم الاستثناء الجملة، كذلك دليل التخصيص.

والجواب: أن تقدم الاستثناء لا يفيد شيئًا، ألا ترى أنه لو قال: "زيدًا"؛ لم يكن لهذا الكلام معنى؟

وأما التخصيص فإن انفراده قد يكون مفيدًا؛ ألا ترى أنه لو قال: خطابي إنما يتناول العقلاء دون الأطفال والمجانين؛ لكان هذا كلامًا مفيدًا، كذلك إذا تقدمت دلالة العقل على هذا المعنى، ثم قال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} ٢ كان ذلك مخصوصًا بالعقلاء، بدلالة العقل السابقة للخطاب، وهكذا كل عموم هذه صفته؛ فإن دليل العقل يكون مخصصًا، لمنع كونه متقدمًا عليه.


١ في الأصل: "من أوله".
٢ "٢١" سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>