أنه لم يكن مرادًا بالعموم. وهذا معنى قول أحمد رضي الله عنه:"إنه دليل على ما أراد الله تعالى من ذلك".
وجواب آخر، وهو: أنه لا يمتنع أن لا يوجب العلم، ويزيل ما يوجب العلم، ألا ترى أن خبر الواحد مقبول فيما يقتضي العقل خلافه، مثل تحريم الربا وشرب الخمر، وما يجري لليقين، وخبر الواحد لا يوجب إلا غلبة الظن، وكذلك لو قال النبي: إن هذه الدار ملك لفلان، ثم قامت بعد ذلك بينة على أن زيدًا قد ملك الدار على فلان؛ فإنا نزيل ملكه الثابت من جهة اليقين، بالبينة التي لا توجب إلا غلبة الظن، كذلك ههنا.
وأيضًا: فإن صيغة العموم معرضة للتخصيص ومحتملة له، وخبر الواحد غير محتمل؛ فجاز أن يقضي بغير المحتمل على المحتمل، كالمجمل وتفسيره؛ فإنه يقضي بتفسيره عليه، كذلك ههنا.
وأيضًا: فإن خبر الواحد وإن لم يكن مقطوعًا به، فإنه يثبت العمل به بأمر مقطوع به، وكذلك شهادة الشاهدين لا يقطع الحاكم بها، ولكن ثبتت بأمر مقطوع به، وما ثبت عن أمر مقطوع به جرى مجراه في العمل؛ ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لو قال: إذا زالت الشمس فصليا ركعتين، وما أخبركم به فلان عني؛ فهو شرعي، فإن المقطوع به من قوله كالذي يخبر به عنه، وإن لم يكن مقطوعًا به، كذلك ههنا.