للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبقول الشاهد، ومن أن الصيغة مقطوع عليها، ولسنا نرفعها؛ وإنما نخص ما تناولته من الحكم، وما تناولته١ من الحكم لا يقطع به أنه مراد؛ وإنما يخص ما كان محتملًا.

وجواب آخر، وهو: أن السنة -وإن لم يكن مقطوعًا بها- فإن حكمها ثبت بأمر مقطوع به.

واحتج: بأن الكتاب أقوى من السنة، بدليل أنهما لو تعارضا؛ أسقطنا الخبر للكتاب٢، وإذا كان أقوى منه لم يخص القوي بالضعيف.

والجواب: أنا لا نسقط الكتاب بالسنة، بل نستعمل كل واحد منهما، ولا يمتنع أن يجمع بين القوي وما هو دونه، ألا ترى أن خبر التواتر دون الكتاب؛ لأنه وإن كان كل واحد منهما مقطوعًا به؛ فإن الكتاب ينفرد بأنه معجز، ومع هذا يخص بخبر التواتر.

وعلى أن هذا يبطل بما ذكرنا.

وفيما ذكرنا دلالة على أصحاب أبي حنيفة في فرقهم بين العموم المخصوص والذي لم يخص؛ وذلك [٧٧/أ] أن العموم الذي لم يخص، صيغته معرضة للتخصيص ومحتملة له، وخبر الواحد غير محتمل؛ فجاز أن يقضي به عليه، كخبر التواتر، وكالمجمل والمفسر.

ولأن خبر الواحد وإن لم يكن مقطوعًا به؛ فإنه قد يثبت العمل به بأمر مقطوع به، وما ثبت عن أمر مقطوع جرى مجراه في العمل، كخبر


١ في الأصل: "تناوله".
٢ وذلك إذا تكافئا في الدلالة، بأن كان كل منهما مقطوعًا به أو مظنونًا، أو كانت دلالة الكتاب مقطوعًا بها، والسنة ظنية الدلالة، أما إذا كانت السنة قطعية والكتاب ظنيًا؛ فإنه يقدم السنة على الكتاب في هذه الحالة، وذلك إذا لم يمكن الجمع بينهما، وهو ما أشار إليه المؤلف في جوابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>