للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أن المراد بالبيان ههنا: الإظهار لا التخصيص؛ فإن الكلام يقتضي أن يبين جميع المنزل، وجميع المنزل لا يحتاج إلى تخصيص؛ وإنما يحتاج إلى الإظهار.

وعلى أن نحمل الكلام على أن المراد به: لتبين للناس ما يحتاج إلى بيان وهو ما لم يبين بالكتاب؛ فأما ما بين بالكتاب فبيانه مأخوذ منه لا من السنة١.

واحتج: بأنا لو خصصنا السنة بالآية؛ جعلنا السنة أصلًا، والقرآن تابعًا له ومفسرًا، وهذا فيه نقصان منزلته.

والجواب: أنه لا يوجب جعلها أصلًا والقرآن تابعًا، كما لم يجب ذلك في تخصيص أخبار الآحاد بأخبار التواتر، وقد ثبت جواز ذلك. ولا يقول أحد: إن أخبار الآحاد أصل، وأخبار التواتر تابعة لها ومفسرة لها.


١ وهناك جواب آخر هو: أن القرآن والسنة كلاهما منزلان من عند الله تعالى.
وهناك جواب آخر أيضًا، ذكره كثير من الأصوليين، وهو -كما يقول الآمدي في كتابه "الإحكام": "٢/٣٠٠": "إنه لا يلزم من وصف النبي صلى الله عليه وسلم بكونه مبينًا لما أنزل امتناع كونه مبينًا للسنة بما يرد على لسانه من القرآن، إذ السنة أيضًا منزلة على ما قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} ، غير أن الوحي منه ما يتلى؛ فيسمى كتابًا، ومنه ما لا يتلى؛ فيسمى سنة، وبيان أحد المنزلتين بالآخر غير ممتنع".

<<  <  ج: ص:  >  >>