للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.................................................................................................................


= كما نقل عن ابن عبد البر ما حكاه بسنده إلى يحيى بن معين أنه قال: "صلاة النهار أربع لا تفصل بينهن"؛ فقيل له: إن ابن حنبل يقول: "صلاة الليل والنهار مثنى"؛ فقال: بأي حديث؟ فقيل له: بحديث الأزدي عن ابن عمر؛ فقال: ومن علي الأزدي؟! حتى أقبل هذا منه، وأدع يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن ابن عمر أنه كان يتطوع بالنهار أربعًا، لا يفصل بينهن؟؛ لو كان حديث الأزدي صحيحًا؛ لم يخالفه ابن عمر".
ومن هذا العرض يتبين: أن هناك رأيين في هذا الحديث:
رأي يقول بتضعيف الحديث، وعلى رأس القائلين بهذا ابن معين وابن عبد البر.
ورأي يقول بصحته، وفي مقدمتهم البخاري والبيهقي.
ومجمل أسباب التضعيف عند القائلين به:
أولًا: أن هذه زيادة، أوردها "علي البارقي الأزدي" مخالفًا بها الثقات؛ فتطرح هذه الزيادة، ويعتمد رواية الثقات.
ثانيًا: أن هذه الزيادة تتعارض مع فعل الراوي ابن عمر رضي الله عنهما، وقد روي عنه أنه كان يتطوع بالنهار أربعًا. وما كان له أن يخالف حديثًا صحيحًا، وبخاصة وهو راويه.
وأما القائلون بالصحة فاستدلوا بما يلي:
أولًا: أن "علي بن عبد الله البارقي الأزدي" -الذي عليه مدار هذه الزيادة- ثقة، والزيادة من الثقة مقبولة.
ثانيًا: أن لهذا الحديث طرقًا أخرى، منها: ما أخرجه الدارقطني بسنده عن ابن عمر مرفوعًا، وذلك في سننه في كتاب الصلاة، باب صلاة النافلة في الليل والنهار "١/٤١٧".
ومنها: ما أخرجه الطبراني في "معجمه الأوسط" بسنده عن ابن عمر مرفوعًا كما حكى ذلك الحافظ ابن حجر في كتابه "تلخيص الحبير": "٢/٢٢".
ثالثًا: أن لهذا الحديث شاهدًا من حديث الفضل بن العباس مرفوعًا "الصلاة مثنى مثنى"، أخرجه الترمذي في "سننه": "٢/٢٢٥".
وقد تكلم الشيخ أحمد شاكر رحمه الله على سند هذا الحديث في تعليقه على سنن الترمذي "٢/٤٩٢"، وذيل كلامه بقوله: ".. فحديث الباب رواه الأزدي، وهو ثقة، وتابعه عليه عبد الله العمري، وهو ثقة أيضًا، كما ذكرنا مرارًا. وصححه البخاري. وكفى به حجة، وله شاهد آخر من حديث الفضل بن العباس مرفوعًا: "الصلاة مثنى مثنى"، من غير تقييد بصلاة الليل".
على أن الحديث المذكور أخرجه أبو نعيم عن عائشة رضي الله عنها، كما أخرجه إبراهيم الحربي عن أبي هريرة رضي الله عنه، حكى ذلك الزيلعي في كتابه "نصب الراية": "٢/١٤٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>