للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنه المطلق المراد به معلوم بظاهره؛ فوجب أن يحمل عليه، ولا يعدل به عنه إلا بدليل، والخاص ليس بدليل؛ لأن التخصيص إنما يقع بما يخالف الظاهر ويعارضه؛ فأما بما يوافقه فلا، والمقيد يوافق المطلق؛ فوجب أن لا يخص به.

والجواب: أن المقيد يخالف المطلق ويعارضه؛ لأن تقييده يدل على أن ما عداه بخلافه، وإذا كان كذلك فقد خصصناه بما عارضه.

وجواب آخر، وهو: أن المطلق وإن كان معلومًا؛ فإنه معلوم من حيث الظاهر، والخاص معلوم من حيث القطع؛ فيجب أن يحمل عليه، كالخاص والعام إذا تعارضا في حكم واحد؛ فإنه يقضى بالخاص عليه؛ لأنه مقطوع عليه، وإن كنا نعلم أن العام معلوم ظاهره؛ فكان يجب أن يتعارضا فيسقطا، أعني: العام والخاص؛ لأن كل واحد منهما معلوم بظاهره، ولما قضي بالخاص على العام، كذلك ههنا.

وقولهم: إن التخصيص إنما يقع بما يخالف الظاهر ويعارضه، وكذا نقول؛ إلا أن دليل الخطاب الخاص يعارض الظاهر عندنا ويخالفه، وقد بينا ذلك فيما تقدم من الكلام في دليل الخطاب.

واحتج: بأن شروط الإيمان في كفارة الظهار زيادة في النص، وذلك نسخ؛ والنسخ لا يجوز بالقياس ولا بخبر الواحد، قالوا: والذي يدل على أنه نسخ: أن النسخ هو حظر ما أباحته الآية، وإباحة ما حظرته؛ فلما كان شرط الإيمان في رقبة الظهار يوجب حظر ما أباحته الآية من جوازها عن الكفارة؛ وجب أن تكون هذه الزيادة نسخًا.

والجواب: أن هذين ليس بزيادة؛ وإنما هو تخصيص ونقصان؛ لأن قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} ١ شائع في الجنس، مؤمنة وكافرة،


١ "٩٢" سورة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>