للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: لا يجب هذا؛ لأن الوصول إلى الحق ممكن مع هذه الشبه؛ وإنما يؤتى المكلف من قبل نفسه، ولا يمتنع أن يكون في إيلام الأطفال مصالح لا نعلمها.

ولأن وصولنا إلى الحق مع اعتراض الشبه وإمعان الفكر والنظر تخريجًا١ للأفهام، وزيادة في الثواب.

قيل: مثله في الآيات المتشابهة.

فإن قيل: فما الفائدة في إنزال بعض القرآن متشابها؟

قيل: يجوز أن يكون في ذلك فائدة يعلمها الله ولا نعلمها؛ على أنا نذكر في ذلك فوائد، منها:

أنه لو كان كل القرآن محكمًا دالًا ظاهره على التوحيد؛ لاحتج أكثر الناس به في التوحيد، وأعرضوا [عن] الاستدلال بأدلة العقول، لما في طباع أكثره من استثقال الفكر والفحص؛ فكانوا يتوصلون إلى الشيء من غير طريقه؛ لأن صحة القرآن إنما تعرف بعد المعرفة بالتوحيد، وإذا كان بعض القرآن ظاهره يفيد التوحيد، وينفي٢ التشبيه، وبعضه يوهم التشبيه؛ لم يكن المكلف بأن يصير إلى أحدهما أولى من أن يصير إلى الآخر فاضطر عند ذلك إلى إعمال عقله، ولو كان كله محكمًا لم يكن إلى ذلك مضطرًا.

ومنها: أن في ذلك زيادة للأذهان، وتخريجًا للعقول مع زيادة الدرجات.

ومنها: أن العرب كانت تمنع من استماع القرآن، من أن يستميل


١ في الأصل بدون إعجام.
٢ في الأصل: "بقي".

<<  <  ج: ص:  >  >>