للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: حقيقة البيان هو إظهار الشيء من الخفاء إلى حالة التجلي والإظهار، وهذا إنما يكون فيما يفتقر إلى البيان، فأما ما هو مبين فلا يوجد.

وقولهم: إنه اشترط ذلك في جميع القرآن، فلا يمتنع أن يكون المراد به بعضه، كما قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إلَيْكَ الذكْرَ لتُبَينَ للنَّاسِ مَا نُزلَ إليهم) (١) ، والمراد بعضه (٢) .

وأيضاً قوله تعالى في قصة نوح: (إنَّ ابْنِي مِنْ أَهلِي وَإن وَعْدَكَ الحق) فقال: (إنَّهُ لَيْسَ من أَهْلِكَ إنهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِح) (٣) فدل على أن الله تعالى قد كان أطلق الأهل، وأراد به المصلحين منهم، دون المفسدين، وأخر بيانه عن وقت الخطاب.

وأيضاً: فإن الله تعالى أوجب الصلاة مجملة، فقال: (إن الصلاَةَ كانت علىَ الْمؤمنين كتاباً موقوتاً) (٤) ، ثم بينها جبريل [١٠١/ب] عليه السلام بفعله صلاة في أول الوقت وآخره، ثم بينها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفعله، فقال عليه السلام: (صلوا كما رأيتموني أصلي) .

وأيضاً: فإن تأخير بيان النسخ يجوز عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة، كذلك يجوز تأخير بيان التخصيص؛ لأن النسخ تخصيص الأزمان، والتخصيص تخصيص الأعيان؛ لأن قوله: توجهوا إلى بيت المقدس في كل


(١) (٤٤) سورة النحل.
(٢) تعقبه الشيخ ابن تيمية في "المسودة" ص (١٨١) بعد أن نقل عن المؤلف الاستدلال بالآية، والاعتراض على الاستدلال ورد الاعتراض.
تعقبه بقوله: (هذا ضعيف، بخلاف تفسير ابن عباس، ولا دلالة في الآية على محل النزاع) .
(٣) (٤٥) سورة هود.
(٤) (١٠٣) سورة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>