للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فوجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استفهم منهم، فقالوا فعلنا كفعلك، فلم ينكر عليهم، ولم يقل لا يجوز لكم ذلك، بل أقرهم على اتباعه، وبين لهم السبب الذي فعل لأجله.

فإن قيل: فلو كان اتباعه واجباً لم يستفهم منهم؛ لأنهم فعلوا الواجب.

قيل: يحتمل أن يكون استفهم لينظر هل فعلوا ذلك لاتباعه أم لمعنى آخر؟ فلما أخبروه أنهم فعلوه لأجله، [١٠٤/ب] أقرهم عليه، وبين العلة التي خلعها لأجلها.

فإن قيل: لم ينكر عليهم؛ لأنه قال (صلوا كما رأيتموني أصلي) .

قيل: لا نعلم أن هذا القول قاله قبل هذه القصة أو بعدها، فنقف حتى نعلم كيف كان، على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يصلوا كما يصلي، وخلع النعل ليس بصلاة، وإنما هي أفعال أوقعها فيها من غيرها، بدليل: أن هذا لو كثر منه وتكرر بطلت صلاته.

وأيضا: ما روت أم سلمة قالت: قلت يا رسول الله سألوني عن القُبلة للصائم، فقال: "لِمَ لم تقولي لهم: إني أقبل وأنا صائم (١) ؟! ". فَعَرفها


= وأخرجه عنه البيهقي في "سننه الكبرى" في كتاب الصلاة، باب من صلى وفي ثوبه أذى لم يعلم به، ثم علم (٢/٤٠٢) .
(١) حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أخرجه عنها الإمام الشافعي في كتاب الصيام، باب ما جاء في تقبيل الرجل زوجته، وهو صائم (١/٢٥٨- ٢٥٩) ، ولفظه: (أن رجلاً قبل امرأته، وهو صائم، فوجَد من ذلك وجْداً شديداً، فأرسل امرأته تسأل عن ذلك، فدخلت على أم سلمة أم المؤمنين، فأخبرتها، فقالت أم سلمة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، فرجعت المرأة إلى زوجها، فأخبرته، فزاده ذلك شراً، وقال: لسنا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحل الله لرسوله ما شاء، فرجعت المرأة إلى أم سلمة، فوجدت رسول الله =

<<  <  ج: ص:  >  >>