للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومعلوم أن المتبوع أوكد حالاً من التبع، فإذا كان كذلك، وكان (١) ظاهر فعله لا ينبىء عن وجوبه عليه، فلأن لا يدل على وجوبه علينا أولى.

والجواب: أن هذا يبطل على أصل المخالف، بالأمر، فإنهم جعلوه دالاً على الوجوب في حق غيره، ولا يدل على وجوبه عليه، لأن الآمر لا يدخل تحت الأمر، فلا يمتنع أن يكون الفعل من جهته كالأمر.

وعلى أنا نقول: إن ظاهر أفعاله تدل على الوجوب في حقه، كما قلنا في أوامره: هي لازمة له وهو داخل تحتها كالمأمور سواء، ولا فرق بينهما. وهذا قياس المذهب.

واحتج: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد يفعل الأفعال في أحوال لا يشاهد فيها، ولا يمكن حضوره والوقوف عليه، وما هذه صفته لا يجوز أن يكون واجباً علينا؛ لأن ما لا طريق لنا إلى معرفته لا نتعبد به، وإذا لم يكن الفعل الذي هذه حاله واجباً علينا، لم يجب أيضاً غيره من الأفعال، لأنه ليس بعض أفعاله بالوجوب أولى من بعض.

والجواب: أن ما يفعله في الخَلوَات يمكنه أن يخبر بها من لم يشاهد، كما أنه يجوز أن يأمر بالفعل من ليس يحضره، ثم يقع لهم بذلك الخبر.

واحتج: بأنه لا يخلو أن يكون [١٠٥/ب] المعتبر في هذا الباب بصورة أفعاله التي ظهرت دون الوجوه التي عليها وقعت، أو يكون المعتبر بصورتها مع الوجوه التي وقعت عليها، ولا جائز أن يكون المعتبر بصورتها فقط؛ لأنه لو وجب ذلك لجاز لنا إيقاع مثل الفعل الذي فعله على جهة الإيجاب مع وقوعه منه على جهة الندب أو الإباحة، وهذا باطل بالاتفاق. وإذا وجب


(١) في الأصل: (فكان) .

<<  <  ج: ص:  >  >>