للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان سبيل المؤمنين متبعا، لم يمتنع أن يؤمر النبي باتباع ما اتبعه غيره ممن تقدمه.

وقولهم: إن في شريعة إبراهيم منسوخاً لا يضر؛ لأنا لما علمنا أنه لا يصح تكليف المنسوخ، علم أن الأمر لم يتناوله.

فإن قيل: لما أمر باتباعهم في هداهم صار ذلك ثابتاً بدليل شرعي، ونحن لا نمنع ذلك، وإنما الخلاف في حالة الإطلاق.

قيل: عندكم إذا دل على ذلك دليل شرعي [١٠٨/أ] صار حكماً مبتدأ، فإذا فعله الإنسان، لم يكن مقتدياً بهم ولا متبعاً لهم، والآية تقتضي اتباعهم والاقتداء بهم فيه.

ويدل عليه قوله تعالى: (وَكتَبْنا عَليهم فِيها أَنَّ النفْس بِالنفْسِ) (١) الآية، ولم يأمر بالاتباع، فلو كان الاتباع واجباً بأمر مجدد في شريعته لكان يقترن به، فلما لم يقترن به أمره دل على أنه إذا ثبت أنه شرع لغيره وجب عليه وعلى أمته الاتباع.

ويدل عليه قوله تعالى: (ثُم أوْحينا إليك أَنِ اتبعْ مِلةَ إبْرَاهيمَ حنِيفا) (٢) ، فأمره باتباع ملة إبراهيم، وأمره على الوجوب.

ويدل عليه قوله تعالى: (إنا أَنْزَلْنا التَوْرَاةَ فيهَا هُدى وَنورٌ يحكُمُ بها النبيونَ الَّذينَ أسْلَمُوا للذينَ هادُوا) (٣) ، ولم يفرق بين نبينا وبين سائر الأنبياء، قال: (وَمنْ لم يحكم بِما أَنْزَلَ اللهُ فأولِئكَ هُمُ الْكافِرُونَ) ، (فأولئِكَ هُمُ الظالِمونَ)


(١) (٤٥) سورة المائدة.
(٢) (١٢٣) سورة النحل.
(٣) (٤٤) سورة المائدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>