للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قبله، فإن النسخ إنما يكون عند التنافي، والبعثة إنما تكون بالتوحيد، وليس فيه منافاة لتلك الأحكام، فوجب التمسك بتلك الأحكام والعمل بها حتى يرد ما ينافيها ويزيلها، كما وجب ذلك قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأيضا: فإنه شرع مطلق، فوجب أن يدخل فيه كل مكلف إلا أن يثبت نسخه، أصله ما ثبت من الشرع المطلق، ولأن نبينا كان قد بعثه متعبداً، فدل على أنه كان مأموراً بشرع من قبله.

واحتج المخالف:

بقوله تعالى: (لِكل جَعلنا منكم شرعة ومنْهَاجاً) (١) ، والشرعة والشريعة واحد، والمنهاج: الطريق الواضح.

والجواب: أنه لا بد أن يكون بين الشريعتين اختلاف من وجه، وهو ما نسخ، وإن كان بينهما اتفاق من وجه، فحصلت الإضافة لهذا المعنى.

واحتج: بما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (بعثت إلى الأحمر والأصفر، وكل من بعث إلى قومه) (٢) فدل على أنهم لم يكونوا مبعوثين [١٠٨/ب] إلينا، فلا يكون شرعهم لازماً لنا.

والجواب: أن قوله: "بعث" يعني: متبوعاً مقصوداً إلى قومه، وغير قومه تبع له.


(١) (٤٨) سورة المائدة.
(٢) هذا الحديث أخرجه مسلم في أول كتاب المساجد ومواضع الصلاة (١/٣٧٠) عن جابر بن عبد الله وفيه: (.. كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى كل أحمر وأسود ... ) .
وأخرجه الدارمي في كتاب الجهاد باب أن الغنيمة لا تحل لأحد قبلنا (٢/١٤٢) عن أبي ذر، وفيه (.. بعثت إلى الأحمر والأسود ... ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>