واحتج: بأنه لو كان شرع من قبلنا شرعاً لنا، لوجب أن يبعث نبين في وقت واحد بشريعة واحدة، فلما لم يجز هذا، ثبت أنه ليس شرع من قبلنا شرعاً لنا، لأنه يفضي إلى أن يكون شرع نبيين على وجه واحد.
والجواب: أنه يجوز، وقد فعل، بعث إبراهيم وابن أخيه بشريعة واحدة، في وقت واحد، وبعث موسى وهارون بشريعة واحدة، في وقت واحد.
على أنه لو كان الأمر على ما قالوه، فإنما يمتنع هذا لوجود نبيين في وقت واحد، فأما إذا انقرض واحد، وقام غيره بعده، فإن شريعته شريعة نبي واحد.
واحتج: بأن جميع الشريعة مضافة إلى نبينا، فلو كان ما ليس فيها يجب العمل به بشريعة غيره، لم تضف إليه.
والجواب: أن ما يتبعه من شرع غيره، فهو شريعته، ومضاف إليه؛ لأنه لم ينسخه عنا.
فصل (١)
فأما قبل البعث، فإن نبينا عليه السلام كان متعبداً بشريعة من قبله، سواء قلنا: ليس شرع من قبله له بعد البعث، أو قلنا: هو شرع له.
وقد أومأ إليه أحمد رحمه الله في رواية حنبل فقال: من زعم أن
(١) راجع في هذا الفصل: المسودة ص (١٨٢) ، و"التمهيد في أصول الفقه" الورقة (١٠٤/ب) .