للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مقدَّم لدلالة على القصر، ولهذا قال المؤلِّف: (دون غيري)، وقد يكون مفعولٌ به لفعلٍ محذوفٍ يُفسِّرُه ما بعدَه، فيكون من باب الاشتغال (١).

وقولُه: (من القرآن): بيانٌ للمراد من المنزَّل أنه القرآنُ المنزَّلُ على محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وهذا الأمر تأكيدٌ لِمَا تضمَّنه قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي}؛ لأنَّ الإيمانَ بالرسول والقرآن ممَّا أخذَ اللهُ به الميثاقَ على بني إسرائيل.

وقولُه: (من التوراة … ) إلى آخره: بيانٌ للمراد بما معهم، وأنَّ القرآن شاهدٌ للتوراة بأنها منزلة من عند الله، وبموافقتها فيما دلَّت عليه من توحيد الله وصدق رسله، وإن كان ناسخٌ لبعض ما فيها من الشرائع.

وقولُه: (من أهل الكتاب … ) إلى آخره: يريد أنَّ قوله: {أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ} أي: من أهل الكتاب؛ لأنه قد كفر به قبل ذلك المشركون من أهل مكةَ وغيرهم، فهم أوَّل كافرٍ به مطلقًا (٢).

وقولُه: (خوفَ فوات ما تَأخذونه من سَفَلتِكم): السفلةُ: هم لؤماءُ الناسِ وغوغاؤهم، وهم الفَسَقةُ الخبثاءُ اللؤماء (٣).

وقولُه: (في ذلك): يريد فيما نُهوا عنه؛ في قوله: {وَلَا تَشْتَرُوا}.

وقولُه: (دون غيري): ينبِّه إلى ما في الآية من القَصْر؛ لتقديم المفعول: إياي.

وقولُه: (الذي أنزلتُ عليكم): أسند فعلَ الإنزالِ إلى المتكلِّم؛ لأنَّ الآية خطابٌ من الله لعلماء أهل الكتاب، وفي تفسير «الباطل» قال: الذي تفترونه.


(١) الاشتغال: أن يتقدم اسم ويتأخر عنه فعل قد عمل في ضمير ذلك الاسم أو في سببيِّه، وهو المضاف إلى ضمير الاسم السابق، فمثال المشتغل بالضمير: زيدًا ضربته، وزيدًا مررت به. ومثال المشتغل بالسببي: زيدًا ضربت غلامه. ينظر: «شرح التسهيل» (٢/ ١٣٦)، و «شرح ابن عقيل على الألفية» (٢/ ١٢٩).
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ١٩٦)، و «تفسير ابن كثير» (١/ ٢٤٣).
(٣) ينظر: «لسان العرب» (١١/ ٣٣٧).

<<  <   >  >>