من العيوب وآثارِ العمل {لَا شِيَةَ} لون {فِيهَا} غير لونها {قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} نطقتَ بالبيان التامِّ. فطلبوها فوجدوها عند الفتى البارِّ بأمِّه فاشتروها بملءِ مَسْكِها ذهبًا {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} لغلاء ثمنها. وفي الحديث:((لو ذبحوا أيَّ بقرةٍ كانت لأجزأتهم ولكن شدَّدوا على أنفسهم فشدَّد اللهُ عليهم)).
وقولُ المؤلِّف:(نصفٌ): أي وسطٌ بين الصغيرة والكبيرة.
وقولُه:(المذكور من السنين): يريد أنَّ اسمَ الإشارة راجعٌ إلى الفارض والبكر.
وقولُه:(به مِنْ ذَبْحها): الجارُ والمجرورُ الأوَّلُ متعلِّقٌ بـ {تُؤْمَرُونَ}، والجارُ والمجرورُ الثاني بيانٌ لِمَا الموصولة في قوله:{مَا تُؤْمَرُونَ}.
وقولُه:(أسائمةٌ أم عاملةٌ؟): بيانٌ لمضمون سؤالهم الثالث كما يدلُّ عليه الجواب.
وقولُه:(لكثرته فلم نهتدِ إلى المقصودة): يريد أنهم اعتذروا في هذه المرَّةِ عن عدم الذبح الذي أُمروا به بتشابه البقر لكثرتها، فلم تتميز البقرةُ المقصودة بما ذكر من سنِّها ولونها؛ لذلك لم يهتدوا إليها، لكنَّهم طَمِعوا أن يهتدوا، وردُّوا ذلك إلى مشيئة الله فأحسنوا. والحديثُ الذي أشار إليه المؤلِّفُ لم يثبتْ مرفوعًا، وقال ابنُ كثير: إنه غريب، وأحسنُ أحواله أن يكون موقوفًا على أبي هريرة (١).
وقولُه:(مُذلَّلةٌ): يريد أنَّ {ذَلُولٌ} فعولٌ بمعنى اسم المفعول.
(١) ينظر: «تفسير ابن كثير» (١/ ٣٠٠)، ونقل ابن كثير عن الطبري (٢/ ٩٨) أثر ابن عباس، قال: «لو أخذوا أدنى بقرة اكتفوا بها، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم». وقال: «إسناد صحيح، وقد رواه غير واحد عن ابن عباس. وكذا قال عبيدة، والسدي، ومجاهد، وعكرمة، وأبو العالية، وغير واحد».