للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقاتلونهم وتفدونهم؟ قالوا: أمرنا بالفداء، فيقال فلم تقاتلونهم؟ فيقولون: حياء أن يستذل حلفاؤنا. قال تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَاب} وهو الفداءُ {وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} وهو تركُ القتل والإخراج والمظاهرة {فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إلَّا خِزْيٌ} هوانٌ وذلٌّ {فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا} وقد خُزوا بقتل قريظة ونفي النضير إلى الشام وضرب الجزية {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلونَ} بالياء والتاء {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ} بأن آثروها عليها {فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} يُمنعون منه.

وقولُ المؤلِّف: (فيه إدغامُ التاء … ) إلى آخره: يُبيّن أنَّ قوله: {تَظَّاهَرُونَ} أصلُها تتظاهرون، وفيها قراءتان بحذف التاء الثانية وتخفيف الظاء {تَظَاهَرُونَ}، والقراءةُ الأخرى بتسكين التاء الثانية وإدغامِها في الظاء مع التشديد {تَظَّاهَرُونَ} (١)، وهي القراءة الأولى التي ذكرها المؤلف. والتظاهرُ: التعاون (٢)، وفسَّر المؤلفُ الإثم بالمعصية والعدوان بالظلم، فعَطْفُ العدوانِ على الإثم من عطفِ الخاص على العام.

وقولُه: (وفي قراءة أسرى … ) إلى آخره: يُشير إلى القراءات في الآية، ففي {أسرى} قراءتان: {أَسْرَى} و {أُسَارَى}، وفي كلٍّ من القراءتين قُرِئَ {تُفَادُوهُمْ} و {تَفْدُوهُمْ} (٣).


(١) قرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف: {تَظَاهَرُونَ} خفيفة الظاء، وقرأ الباقون: {تَظَّاهَرُونَ} مشددة الظاء. ينظر: «السبعة في القراءات» (ص ١٦٣)، و «الحجة للقراء السبعة» (٢/ ١٣٠ - ١٣١).
(٢) ينظر: «غريب القرآن» لابن قتيبة (ص ٥٧)، و «المفردات» للراغب (ص ٥٤٠).
(٣) قرأ أبو جعفر ونافع وعاصم والكسائي ويعقوب: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ} بالألف جميعًا، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ابن عامر: {أُسَارَى} بالألف {تَفْدُوهُمْ} بغير ألف، وقرأ حمزة وحده: {أَسْرَى تَفْدُوهُمْ} بغير ألف فيهما. ينظر: «السبعة في القراءات» (ص ١٦٤)، و «النشر في القراءات العشر» (٢/ ٢١٨).

<<  <   >  >>