للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

له؛ ولهذا قال: {وَلَوْ تَرَى}؛ أي: تُبْصِرُ، وقرأ الجمهورُ بالياء المُثناة التحتية (١) على الخبرِ عن الظالمين، وجوابُ «لو» محذوفٌ كما هو الغالب؛ فالمعنى على قراءة الجمهور: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} أي: يعلموا حين يرون العذاب أن جميعَ القوةِ لله فليس لغيره قوةٌ يدفع بها عن نفسِه أو غيره، ويعلموا أن اللهَ شديدُ العقاب، لرأوا أمرًا عظيمًا هائلًا وعلمُوا ضعفَهم وعَجْزَهم وعَجْزَ آلهتِهم؛ فالرؤيةُ في الفعل الأول؛ بمعنى: العلم، وفي الفعل الثاني؛ بمعنى: الإبصار؛ فالأولى: علميّة، والثانية: بصريّة، وعلى قراءة نافع وابن عامر: الرؤية بصريّة في الموضعين، كما فسَّرها المؤلِّف (٢).

وقولُه: (باتِّخاذِ الأنداد): تفسيرٌ للظلم بالشرك، وهو تفسيرٌ صحيحٌ يدلُّ له أول الآية: {وَمِنَ النَّاسِ}.

وقولُه: (بالبناء للفاعل والمفعول): يُشيرُ إلى أنَّ {يَرَوْنَ الْعَذَابَ} قُرِئَ بفتح ياءِ المضارع على البناء للفاعل، وبضمِّها على البناء للمفعول؛ {يَرون} و {يُرون} (٣).

وقولُه: (لرأيت أمرًا عظيمًا): هذا تقديرٌ لجواب «لو» على قراءة {وَلَوْ تَرَى} بالتاء على الخطاب.

وقولُه: (وإذ بمعنى: إذا): يُبيِّن بذلك أنَّ «إذ» التي هي ظرفٌ للزمن الماضي؛ بمعنى: إذا لما تعلَّقت بأمرٍ مستقبلٍ صارت بمعنى: «إذا» التي


(١) قرأ ابن كثير وعاصم وأبو عمرو وحمزة والكسائي: {وَلَوْ يَرَى} بالياء، وقرأ نافع وابن عامر: {وَلَوْ تَرَى} بالتاء.
ينظر: السبعة (ص ١٧٣ - ١٧٤)، و «النشر» (٢/ ٢٢٤).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (٣/ ١٩ - ٢٣)، و «معاني القرآن» للزجاج (١/ ٢٣٨)، و «المحرر الوجيز» (١/ ٤٠٢ - ٤٠٣)، و «البحر المحيط» (٢/ ٨٨ - ٨٩).
(٣) قرأ ابن عامر وحده: {إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ} بضم الياء، وقرأ الباقون {يَرَوْنَ} بفتح الياء. ينظر: «السبعة» (ص ١٧٤)، و «النشر» (٢/ ٢٢٤).

<<  <   >  >>