للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَالسَّائِلِينَ}: جمعُ سائلٍ؛ وهو الذي يسألُ الناسَ لأنه لا يجد كِفايته. {وَفِي الرِّقَابِ}: أي: الإنفاقُ في الرقاب بالعِتقِ وفكِّ الأسير المسلم.

وقوله: {وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ}: عُطفا على {وَآتَى الْمَالَ}، وكأنهما شرطٌ في قَبول إيتاء المال على حبه، والصلاةُ هي: الصلواتُ الخمسُ المكتوبة على العباد في كلِّ يومٍ وليلةٍ، وإقامتُها: أداؤها بشروطها وواجباتِها وأركانها وأوقاتها. والزكاةُ هي: زكاةُ المالِ المفروضة التي هي قرينةُ الصلاة في الكتاب والسنَّة.

وقوله: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ}: عطفٌ على محل {مَنْ} وهو الرفع الواقعة خبر «لكنَّ»، وهو ثناءٌ من الله على مَنْ آمن بالله واليوم الآخر بأنهم يوفون بالعهود التي بينهم وبين الله؛ كالنذر، أو بينهم وبين العباد؛ ومنها عقود المعاملات. وقوله: {وَالصَّابِرِينَ}: نُصِب على الاختصاص.

{فِي الْبَأْسَاء}: يعني الفقر. {والضَّرَّاء}: المرضُ. والبأس: القتالُ (١).

ثم أثنى عليهم بكمال الصدق والتقوى؛ فقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون (١٧٧)}، وعُلِم من ذلك أنَّ جميعَ خِصال البرِّ داخلةٌ في اسم التقوى، وهي عنوانُ الصدق في الإيمان؛ فعُلم مما تقدَّم أنَّ اسمَ البر شاملٌ لجميع مسائلِ الدِّين الاعتقاديةِ والعمليةِ المتعلقة بحقوق الله وحقوق عباده (٢)، وعُلِمَ أيضًا أنَّ هذه الآيةَ أَجمعُ آيةٍ لأصول الدِّين وفروعِه إجمالًا في المنهيَّات وتفصيلًا في المأمورات.


(١) ينظر: «غريب القرآن» لابن قتيبة (ص ٧٠).
(٢) ينظر: «الإيمان الكبير» لشيخ الإسلام (ص ١٣٣ - ١٤٣)، و «الجواب الصحيح» (٣/ ١١٧ - ١١٨).

<<  <   >  >>