للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على القتل، وخصَّ الخطاب بأولي الألباب -وهي العقول الزكية-؛ لأنهم يُدركون ما في الشرائع من الحكم التي يعود نفعُها إلى الناس.

وقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون (١٧٩)}: أي: لتتقوا اللهَ بفعل ما فرض عليكم.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ} فُرِضَ {عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} المماثلةُ {فِي الْقَتْلَى} وصفًا وفعلًا {الْحُرُّ} يُقتَلُ {بِالْحُرِّ} ولا يُقتَلُ بالعبد {وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأنْثَى بِالأنْثَى} وبيَّنت السنَّةُ أَنَّ الذَّكرَ يُقتَلُ بها، وأنه تُعتبَرُ المماثلةُ في الدِّين؛ فلا يُقتَلُ مسلمٌ ولو عبدًا بكافرٍ ولو حرًّا {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ} من القاتلين {مِنْ} دمِ {أَخِيهِ} المقتول {شَيْءٌ} بأَنْ تركَ القصاص منه، وتنكيرُ «شيء» يُفيدُ سقوطَ القصاص بالعفو عن بعضه ومن بعض الورثة، وفي ذكر «أخيه» تعطُّفٌ داعٍ إلى العفو وإيذانٌ بأنَّ القتلَ لا يقطع أُخوَّةَ الإيمان. ومَن: مبتدأ، شرطية أو موصولة، والخبر: {فَاتِّبَاعٌ} أي: فعلى العافي اتباع للقاتل {بِالْمَعْرُوفِ} بأَنْ يُطالبه بالدِّية بلا عُنفٍ. وترتيب «الاتّباع» على «العفو» يُفيدُ أَنَّ الواجبَ أحدُهما، وهو أحدُ قولي الشافعي، والثاني: الواجبُ القصاص والدِّيةُ بدلٌ عنه، فلو عفا ولم يُسمِّها فلا شيء، ورُجِّح {وَ} على القاتل {أَدَاءٌ} للدِّية {إِلَيْهِ} أي: العافي؛ وهو الوارث {بِإِحْسَانٍ} بلا مطلٍ ولا بخسٍ {ذَلِكَ} الحكمُ المذكورُ من جواز القصاص والعفو عنه على الدِّية {تَخْفِيفٌ} تسهيلٌ {مِنْ رَبِّكُمْ} عليكم {وَرَحْمَةٌ} بكم، حيث وسَّعَ في ذلك ولم يُحتِّمْ واحدًا منهما كما حتَّمَ على اليهود القصاص وعلى النصارى الدِّية {فَمَنِ اعْتَدَى} ظلمَ القاتل بأَنْ قتله {بَعْدَ ذَلِكَ} أي: العفو {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} مؤلمٌ في الآخرة بالنار، أو في الدنيا بالقتل {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} أي بقاءٌ عظيمٌ {يَا أُولِي

<<  <   >  >>