للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدها: أَنَّ ترتيبَ الاتّباع -وهو مُطالبة القاتلِ بالدِّية على العفو- يُفيدُ أَنَّ الواجبَ القصاص أو الدية، وأَنَّ وليَّ الدمِ مُخيَّرٌ بين القصاص أو العفو إلى الدية.

الثاني: أَنَّ للإمام الشافعي في هذا المقام قولين، هذا أحدهما، والقول الثاني: أَنَّ الواجبَ هو القصاصُ، والدِّيةُ بدلٌ عنه، وهو الراجحُ في مذهب الشافعي (١).

الأَمرُ الثالثُ: بيَّنَ المؤلفُ ما يترتَّبُ على القول الثاني؛ وهو أَنَّ الوليَّ إذا عفا ولم يذكر الدِّيةَ سقطَ القصاص، ولم تجب له الدِّيةُ، والراجح في الدليلُ هو القولُ الأوَّلُ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قُتِلَ له قتيلٌ فهو بخير النظرين: إمَّا أَنْ يفدى، وإمَّا أن يقتل)) (٢).

وقولُه: (على القاتل): يُبيِّنُ أَنَّ أداءَ مبتدأٌ وخبرُه محذوفٌ؛ أي: وعلى القاتل أداءُ الدِّية بإحسانٍ، والضميرُ في قوله: {إِلَيْهِ} يعود إلى الولي الذي عفا.

وقولُه: (للدية): يُبيِّنُ أَنَّ المرادَ بالأداء أداءُ القاتل للدية لولي الدم العافي.

وقولُه: (بلا مطلٍ ولا بخسٍ): يُبيِّنُ بذلك المرادَ بالإحسان في أداء الدية.

وقولُه: (الحكم المذكور … ) إلى آخره: هو الحكمُ المذكورُ في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ … }، إلى قوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}، فأفادت الآيةُ التخييرَ بين القصاص والعفو إلى الدية.

وقولُه: (حيث وسَّع في ذلك … ) إلى آخره: بيَّنَ بذلك وجهَ التخفيف في هذه الشريعة.

وقولُه: (ظلم القاتل بأن قتله): بيَّنَ أَنَّ المرادَ بالاعتداء في الآية؛ هو أَنْ يقتلَ وليُّ الدمِ القاتلَ بعد عفوه عنه، فإنه بعد العفو صار معصومًا.


(١) ينظر: «نهاية المطلب» (١٦/ ١٣٧)، و «تكملة المطيعي على المجموع» (١٨/ ٤٧٢).
(٢) أخرجه البخاري (٦٨٨٠)، ومسلم (١٣٥٥) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>