للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإخبار بفرض الصوم في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ … }، إلى قوله: {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ}، ولعلَّ ذِكرَ الرُّخصةِ مرةً ثانيةً حتى لا يُظن نسخها بقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (١).

وقوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}: خبرٌ من الله -تعالى- عن حكمته في شرعه، ورحمته بعباده، فمبنى شريعته على اليُسر، وهو السهلُ المستطاعُ الذي لا مشقَّةَ فيه، ومن ذلك ما شرعه في أَمر الصيام، {وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}: وهو ضدُّ اليُسر، ونصَّ على نفيه توكيدًا، وهذه الإرادةُ هي الإرادةُ الشرعيةُ المتضمنة للمحبة؛ فالمعنى: يُحبُّ الله لكم اليُسرَ ولا يُحبُّ لكم العُسرَ، فالجملتان تعليلٌ لِمَا سبقَ من الأحكام المشتملة على التيسير.

وقوله: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون (١٨٥)}: الواو عاطفةٌ على مُقدَّرٍ يُفهَم من قوله: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}؛ فالمعنى: يسَّرَ اللهُ عليكم لتصوموا ما كتب عليكم من صيام شهر رمضان.

{وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ}: إن كان فطر لعذر، {وَلِتُكَبِّرُوا اللّهَ} أي: ولتعظِّموا اللهَ بالتكبير {عَلَى مَا هَدَاكُمْ}؛ أي: لهدايته إياكم بما شرع لكم من صيام شهر رمضان وتوفيقكم لصيامه، واللام في الجملتين للتعليل، وقال بعضُهم: إنها اللام المشبهةُ للام التعليل التي تتعلق بالفعلين «أراد، وأمر»، ويُنصَبُ الفعلُ بعدها بأَن مضمرة أو ظاهرة، وعلى هذا فالعطفُ على جملة: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}؛ فيكون المعنى: ويُريد لتكملوا العدَّةَ (٢).


(١) ينظر: «تفسير البيضاوي» (١/ ١٢٥)، و «تفسير أبي السعود» (١/ ٢٠٠)، و «روح المعاني» للألوسي (١/ ٤٥٨).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (٣/ ٢٢٠)، و «معاني القرآن» للزجاج (١/ ٢٥٤)، و «التبيان في إعراب القرآن» (١/ ١٥٣)، و «الكتاب الفريد» (١/ ٤٥٦ - ٤٥٧).

<<  <   >  >>