للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ هذا البلدَ حرَّمَه اللهُ يومَ خلق السماوات والأرض، فهو حرامٌ بحرمة الله إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرامٌ بحرمة الله إلى يوم القيامة)) (١). وقال صلى الله عليه وسلم: ((فإن أحدٌ ترخّص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقولوا له: إنّ الله أذن لرسوله، ولم يأذن لكم، وإنّما أذن لي فيها ساعةً من نهارٍ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلّغ الشّاهد الغائب)) (٢)، رواهما البخاري ومسلم.

وقوله تعالى: {كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِين (١٩١)} أي: مثل هذا الجزاء بالقتل والقتال جزاءُ كلِّ كافرٍ يُقاتل المسلمين. وقوله: {فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم (١٩٢)} أي: فإن انتهوا عن كفرهم بالله وعن قتالكم؛ فإنَّ اللهَ يغفر لهم ما سلف ويرحمهم لأنه غفورٌ رحيمٌ.

وقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}: أَمرٌ بقتال الكفار مطلقًا. {حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} أي: شركٌ أو صدٌّ عن سبيل الله، و {حَتَّى}: حرف تعليل؛ أي: لِئلَّا تكون فتنة، أو حرف غاية؛ أي: إلى ألَّا تكون فتنة (٣)، و {تَكُونَ} تامة، ومعناها: توجد، و {فِتْنَةٌ}: فاعل.

وقوله تعالى: {فَإِنِ انتَهَواْ}: عن كفرهم وقتالهم، {فَلَا عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِين (١٩٣)}: نفي؛ معناه: النهي؛ أي: فلا تعتدوا أيها المؤمنون إلا على الظالمين بالكفر أو الاعتداء عليكم. وقوله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ}: ذهب جمهورُ المفسرين إلى أَنَّ المرادَ بالشهر الحرام: ذو القعدة، فهو أَحدُ الأشهر الحرم، وأَنَّ المعنى: الشهرُ الحرامُ الذي دخل المسلمون فيه مكةَ، وأَقاموا فيها ثلاثةَ أيام، وذلك في عُمرة القضية في السنة السابعة، هو بدل عن الشهر الحرام


(١) أخرجه البخاري (١٨٣٤)، ومسلم (١٣٥٣) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٢) أخرجه البخاري (١٨٣٢)، ومسلم (١٣٥٤) عن أبي شُريح العدوي رضي الله عنه.
(٣) ينظر: «التبيان في إعراب القرآن» (١/ ١٥٨)، و «البحر المحيط» (٢/ ٢٤٦)، و «التحرير والتنوير» (٢/ ٢٠٧).

<<  <   >  >>