للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} إلى قوله: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}، وقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ} إلى قوله: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، وقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}، ويخرج عن ذلك كلُّ مَنْ له عهدُ أَمانٍ أو صُلحٍ أو ذمةٍ، والغايةُ من هذا القتالِ هي أَنْ تكون كلمةُ الله هي العليا، وذلك إمَّا بالدخول في الإسلام، أو الخضوعِ لسلطان المسلمين بأداء الجزية.

الوجه الثاني: من قتال الكفارِ ما يكون دفعًا لعدوانهم، فإذا غزا العدوُّ بلادًا من بلدان المسلمين صار القتالُ فرضَ عينٍ على أَهلِ تلك البلد، ثم مَنْ يَليهم؛ الأَدنى فالأَدنى.

وأَمَّا جهادُ الابتداءِ؛ فإنه فرضُ كفايةٍ، فيجب على الإمام أَنْ يُرتِّبَ جيوشًا ويزوِّدهم بأنواع القوة؛ إرهابًا للكافرين وحمايةً لبلادِ المسلمين من عدوانهم، وعلى الإمام أَنْ يُرتِّبَ حملاتِ الجهاد في سبيل الله لغزو الكفار الحربيين، وبهذا يُعزُّ الإسلامُ والمسلمون، وبتعطيله والتهاونِ فيه يجترئُ الكفارُ على المسلمين، ويصير المسلمون ذليلين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، واللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين وأذِلَّ أعداء الدين من الكفار والمنافقين.

المسألة الثانية: حكمُ القتالِ في الشهر الحرام، وقد دلَّ قولُه تعالى: {قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} أي: إثمٌ عظيمٌ، وذنبٌ كبيرٌ، إذن: فالقتال في الأَشهر الحُرم حرامٌ، وإن كان قتالًا للكفار، وقد ذهب جمهورُ أهلِ العلم إلى أَنَّ تحريمَ القتالِ في الأشهر الحُرم منسوخٌ بعموم أدلة الأَمرِ بالقتال، كما في الآيات السابقة، وهي مُطلقةٌ في الزمان، فتشملُ الأَشهرَ الحُرم، وأَيَّدوا ذلك بأَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم غزا أَهلَ الطائفِ في ذي القعدة، وأَنَّ المسلمين في غزواتهم لم يكونوا يتوقفون إذا دخل عليهم شهرٌ حرام، وذهب جماعةٌ من العلماء إلى

<<  <   >  >>