للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أَنها وصيةٌ من الله لورثة الميت.

فعلى القول الأَول: المخاطَبُ بالوصية هم الأَزواجُ المتوفين، ولهذا جاء في تقدير الكلام؛ فليوصوا وصيةً، أَوْ عليهم أَنْ يوصوا وصيةً، كلُّ هذا على قراءة نصبِ وصية.

وعلى القول الثاني: الخطابُ لورثة الميت كما يُفيده التقدير في عبارة ابن جرير إذ قال: «{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} كتب اللهُ لأَزواجهم عليكم وصية منه لهنَّ أَيها المؤمنون؛ أَنْ لا تُخرجوهنَّ من منازل أَزواجهنَّ حولًا، كما قال تعالى ذكره في سورة النساء: {غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللّهِ}».

ثم ذَكر مَنْ قال من السَّلف: إِنَّ حُكمَ هذه الآية وصيةٌ من الله لزوجات المتوفَّين بالسُّكنى والنفقة حولًا، وأَنَّ ذلك نُسِخَ بآية الميراث وآية العدة {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}، وهو القولُ الذي رجَّحه ابنُ جرير كما تقدَّم، فروى ذلك بإسناده عن قتادة (١) والربيع (٢) وابن عباس والضحاك (٣) وعطاء (٤)


(١) قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز السّدوسيّ، أبو الخطاب البصري، الضرير الأكمه المفسّر، قال معمر: سمعت قتادة يقول: «ما في القرآن آية إلا وقد سمعت فيها شيئًا». قال الإمام أحمد بن حنبل: قتادة عالم بالتفسير وباختلاف العلماء، ووصفه بالفقه والحفظ، وأطنب في ذكره. مات بواسط في الطاعون سنة (١١٧ هـ)، وقيل بعدها. ينظر: «السير» (٥/ ٢٦٩)، و «طبقات المفسرين» للداودي (٢/ ٤٧ - ٤٨).
(٢) الربيع بن أنس بن زياد البكري الخراساني، لقي ابن عمر وأنس بن مالك وجابر، وهرب إلى مرو في زمن الحجاج فكان عالم مرو في زمانه، وكانت وفاته سنة (١٣٦ هـ)، وقيل (١٣٩ هـ). ينظر: «السير» (٦/ ١٦٩)، و «طبقات المفسرين» للأدنه وي (ص ١٦).
(٣) الضحاك بن مزاحم الهلالي، أبو محمد، وقيل: أبو القاسم، كان من أوعية العلم، وله باع في التفسير وبه اشتهر، توفي سنة (١٠٢ هـ)، وقيل غير ذلك. ينظر: «السير» (٤/ ٥٩٨)، و «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٢٢٢).
(٤) عطاء بن أبي مسلم، أبو عثمان الخراساني، واسم أبيه ميسرة، وقيل: عبد الله، له كتاب «تنزيل القرآن»، و «تفسيره»، عرف بالعبادة والفتوى والتفسير، وكان صاحب رحلة. توفي سنة (١٣٥ هـ). ينظر: «السير» (٦/ ١٤٠)، و «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٣٨٥).

<<  <   >  >>