للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه: {وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيم (٢٦٣)}: ثناءٌ من الله على نفسه بالغنى عن العبادِ وعن أعمالِهِم فلا تنفعُهُ طاعاتُهم ولا تضرُّهُ معاصيهِم، وهو حليمٌ -تعالى- لا يُعاجِلُ بالعقوبةِ مَنْ عصاهُ، وفي ذكر هذا الاسمِ في هذا المقامِ تحذيرٌ لِمَنْ يُتْبِعُ صدقتُهُ بالمَنِّ والأذى، فلولا حِلمُه -تعالى- لعاجَله بالعقوبةِ؛ لأنه مُستحِقٌّ لها.

{مَثَلُ} صفةُ نفقات {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي: طاعته {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} فكذلك نفقاتُهم تُضاعَفُ لسبعمائة ضِعْفٍ {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ} أَكثرَ من ذلك {لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ} فضلُه {عَلِيمٌ} بمَن يستحقُّ المضاعفة.

{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا} على المنفق عليه بقولهم مثلًا: «قد أَحسنتُ إليه وجبرتُ حالَه» {وَلَا أَذًى} له بذكر ذلك لمن لا يحبُّ وقوفه عليه ونحوه {لَهُمْ أَجْرُهُمْ} ثوابُ إِنفاقهم {عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} في الآخرة.

{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ} كلامٌ حَسنٌ وردٌّ على السائل جميلٌ {وَمَغْفِرَةٌ} له في إِلحاحه {خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} بالمنِّ وتعييرٍ له بالسؤال {وَاللَّهُ غَنِيٌّ} عن صدقة العباد {حَلِيمٌ} بتأخير العقوبةِ عن المانِّ والمؤذي.

وقولُ المؤلِّف: (صفةُ نفقات): تفسيرٌ للمَثَلِ بالصفةِ، والصفةُ تكونُ بطرقٍ من الكلامِ، والصفةُ في هذه الآية بطريقِ التشبيهِ التمثيليِّ.

وقولُه: (نفقات): بيانٌ للمُشبِّه.

وقولُه: (أي: طاعتِهِ): تفسيرٌ لسبيل اللهِ، وهو تفسيرٌ صحيحٌ؛ فكلُّ طاعةٍ لله هي من سبيل الله تُقرِّبُ إلى الله.

<<  <   >  >>