للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقولُه: (فكذلك … ) إلى آخره: بيانٌ لوجه الشبهِ، وهو الاتفاقُ في العددِ بين تضعيفِ النفقةِ وحباتِ السنابل.

وقولُه: (أَكثرَ من ذلك): لأنَّ هذا هو فائدةُ الجملةِ المُستأنَفَةِ.

وقولُه: (فضلُه): خصَّ السعةَ بالفضل؛ مراعاةً لمقامِ الإنفاقِ وتضعيفِ الأجرِ، وإلا فاللهُ واسعُ الفضلِ والرحمةِ والعلمِ كما قال تعالى: {وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر: ٧]. وقولُه: (بمَن يستحقُّ المضاعفة): هذا التخصيصُ فيه مراعاةُ المقامِ أيضًا، وإلَّا فاللهُ بكلِّ شيءٍ عليمٌ.

وقولُه: (على المُنفَقِ عليه … ) إلى آخره: بيانٌ لحقيقةِ المَنِّ وأنه يكون من المُنفِق على المُنفَقِ عليه، ومن المَنِّ قولُ المنفِقِ: «قد أَحسنتُ إلى فلانٍ وأَعطيتُهُ ونفعتُهُ»؛ على وجهِ التطاولِ عليه وأنَّ له فضلًا عليه.

وقولُه: (له بذكر ذلك … ) إلى آخره: تفسيرٌ للإيذاء ببعض أنواعِه، وهو ذِكر المُنْفِق مَنْ أنفقَ عليه عند مَنْ يكرهُ المُنْفَق عليه اطِّلاعَه عليه، والأذى عامٌّ لكلِّ ما يكرهُ المتسلّطُ عليه من قولٍ أو فعلٍ.

وقولُه: (كلامٌ حَسنٌ … ) إلى آخره: فسَّرَ القولَ المعروفَ بالكلام الحَسنِ، والحَسنُ ضِدُّ القبيحِ، فالقولُ المعروفُ هو المستحبُّ شرعًا المقبولُ عقلًا وفطرةً، ومن القول المعروفِ رَدُّ السائلِ بالكلمةِ الطيبةِ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((فاتَّقوا النارَ ولو بشقِّ تمرةٍ فمَن لم يجد فبكلمةٍ طيبةٍ)) (١)؛ كأنْ يُقالَ للسائل: «أَبْشِرْ»، وإذا أُعْطِيَ قيلَ له: «هذا ما تيسَّرَ، وما يأتي أكثر، وسامِحْ عن التقصيرِ» وما أشبهَ ذلك مِنْ القولِ الحسَنِ المعروفِ، فكلُّ ذلك {خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى}، فمِن أَشدِّ الأذى للمُعطَى: المَنُّ عليه، والصدقةُ المتبوعةُ بالمَنِّ والأذى لا أجرَ فيها؛ لأنَّها باطلةٌ.


(١) أخرجه البخاري (١٤١٣)، ومسلم (١٠١٦)، من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.

<<  <   >  >>