للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحبوب والثمار {وَلَا تَيَمَّمُوا} تقصدوا {الْخَبِيثَ} الرديءَ {مِنْهُ} أَي: من المذكور {تُنْفِقُونـ} هـ في الزكاة: حالٌ من ضمير «تيمَّموا» {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ} أَي: الخبيثَ لو أُعطيتموه في حقوقكم {إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ} بالتساهلِ وغضِّ البصرِ. فكيف تؤدُّون منه حقَّ اللهِ؟ {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ} عن نفقاتكم {حَمِيدٌ} محمودٌ على كلِّ حالٍ.

وقولُ المؤلِّف: (أي: زكوا): هذا أَحدُ الأقوال في معنى الأمر في هذه الآية؛ وهو أَنَّ المرادَ إِخراجُ الزكاةِ المفروضة. وقيل: المرادُ بالأمر صدقةُ التطوع. وقيل: إِنَّ الأمرَ يَعمُّهما، وهذا أَظهرُ؛ لإطلاقِ الأمرِ بالإنفاق؛ قال ابنُ جرير في تأويل قولِه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا}: «زكُّوا وتصدَّقوا» (١).

وقولُه: (جِياد): جمعُ جيِّد، وذكره بلفظ الجمعِ مراعاةً للفظ الطيباتِ، والجيدُ والطيِّبُ: هو المستحسنُ المرضيُّ، خلافَ الرديء.

وقولُه: (من المال): يُبيِّنُ أَنَّ المرادَ الإنفاقُ من الطيِّب من أنواع المال.

وقولُه: ({وَمِـ} ن طيبات): يُبيِّنُ أَنَّ قولَه: {مَا أَخْرَجْنَا} معطوفٌ على قولِه: {مَا كَسَبْتُمْ}؛ إذن: فهو على تقدير: ومن طيباتِ ما أَخرجنا كما قدَّره المؤلِّف.

وقولُه: (من الحبوب والثمار): بيانٌ للمُراد بالمخرج من الأرض والحبوب والثمار هي أَكثرُ وأَشهرُ ما يمتنُّ اللهُ على عباده بإِخراجه كما في سورة الأنعام والنحل وغيرهما، ومن ذلك قولُه تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا} [فاطر: ٢٧]، وقوله: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق: ٩ - ١٠].


(١) «تفسير الطبري» (٤/ ٦٩٤).

<<  <   >  >>