أَموالَهم بالليل والنهار سرًّا وعلانيةً، ورتَّب لهم على ذلك الأَجرَ، ونفى الخوفَ والحزنَ عنهم.
ولَمَّا مَنع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من التصدِّق على المشركين ليُسلموا نزل:{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ} أَي: الناس إلى الدخول في الإسلام، إنما عليك البلاغُ {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} هدايتَه إلى الدخول فيه {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ} مالٍ {فَلِأَنْفُسِكُمْ} لأَنَّ ثوابَه لها {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} أَي: ثوابَه لا غيره من أَعراض الدنيا، خبرٌ بمعنى النهي {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} جزاؤُهُ {وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} تُنقَصونَ منه شيئًا. والجملتان تأكيدٌ للأولى.
{لِلْفُقَرَاءِ} خبرُ مبتدأ محذوفٍ؛ أي: الصدقاتُ لهم {الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي: حَبسوا أَنفسَهم على الجهاد، نزلت في أَهل الصُّفةِ، وهم أَربعمائةٍ من المهاجرين أُرصِدوا لتعلُّمِ القرآنِ والخروجِ مع السرايا (١){لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا} سفرًا {فِي الْأَرْضِ} للتجارة والمعاشِ؛ لشُغلهم عنه بالجهاد {يَحْسِبُهُمُ الْجَاهِلُ} بحالهم {أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} أي: لتعفُّفهم عن السؤال وتركِه {تَعْرِفُهُمْ} يا مخاطَبًا {بِسِيمَاهُمْ} علامتِهم من التواضع وأَثرِ الجهد {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ} شيئًا فيُلحفون {إِلْحَافًا} أي: لا سؤالَ لهم أصلًا، فلا يقع منهم إلحافٌ؛ وهو الإلحاحُ {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} فمُجازٍ عليه.
وقولُ المؤلِّف:(ولَمَّا مَنع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم … ) إلى آخره: يُشير إلى سبب نزولِ هذه الآيةِ، وهو نهيُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عن التصدُّقِ على غير