للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسلمين من أَهل الكتاب والمشركين؛ من أَجل أَنْ يَحملهم مَنعهم من الصدقة على الإسلام، فأَخبر اللهُ نبيَّه أَنْ ليس عليه هدايتهم، فلا ينهى عن التصدُّق عليهم من أَجل ذلك، وأَنَّ أَمْرَ هدايتهم إلى اللهِ تعالى، فهو الذي يهدي مَنْ يشاء.

وقولُه: (أَي: الناس … ) إلى آخره: بيانٌ لمعنى الآيةِ المتعلقِ بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ وهو أَنَّه ليس عليه صلى الله عليه وسلم أَنْ يهديَ الناسَ فيَجعلهم مُهتدين، وإنما الواجبُ عليه البلاغُ كما قال تعالى: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} [الشورى: ٤٨]، {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ} [النور: ٥٤].

وقولُه: (هدايتَه … ) إلى آخره: فيه تقديرُ مفعولِ {يشاء}، والمرادُ بهذه الهدايةِ هدايةُ التوفيق المستلزمة للدخول في الإسلام، وهي هدايةٌ خاصةٌ لا يقدر عليها إِلَّا اللهُ؛ بخلاف هدايةِ البيان؛ فإنها عامَّةٌ ومقدورةٌ للرسول صلى الله عليه وسلم ولكلِّ داع إلى الله.

وقولُه: (مالٍ): هذا أَحدُ التفسيرين للخير في الآية، ولفظُ الخيرِ في القرآن يُراد به المال كثيرًا؛ كقوله تعالى في الإنسان: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٨]، وقوله في هذه السورة: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: ١٨٠]، ويُراد به العملُ الصالحُ؛ كقوله تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ} [البقرة: ١٩٧]، (١) والخيرُ في هذه الآيةِ يحتملُ الوجهين، وأَكثرُ المفسرين يُفسِّرونه بالمالِ كما فعلَ المؤلِّف (٢).


(١) أوصلها بعض العلماء إلى أكثر من عشرين وجهًا. ينظر: «الوجوه والنظائر» لمقاتل (ص ٥٧ - ٥٨)، و «التصاريف ليحيى بن سلام» (ص ١٧٤ - ١٧٥)، و «نزهة الأعين النواظر» لابن الجوزي (ص ٢٨٥ - ٢٨٩).
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (٥/ ٢٢)، و «الكشاف» (١/ ٥٠٢)، و «المحرر الوجيز» (٢/ ٨٧)، و «تفسير القرطبي» (٣/ ٣٣٩).

<<  <   >  >>